للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأن يكون كاذباً، فالحكم بأحدهما لوجود الداعي غير سائغ، بل يجب النظر في الأمور الأخرى ومنها الموانع، فإذا وجدوا داع ومانع وانحصر النظر فيهما تعين الأخذ بالأقوى، وكل من الدواعي والموانع تفاوت قوته في الأفراد تفاوتاً عظيماً، فلابد من مراعاة ذلك ومت تدبر هذا علم أن الحق لا ريب فيه وأنه يرى شواهده في نفسه وفي من حواليه، وعلم أن ما يملكه بعض متعاطي النقد من أهل العصر في اتهام أما أئمة الحديث فقد عرفوا الرواة وخبروهم وعرفوا أحوالهم وأخبارهم واعتبروا مروياتهم كما تقدم في مواضع منها ص٥٥و ٦٢ فمن وثقه المتثبتون منهم فمحاولة بعض العصريين اتهامه لأنه كان - مثلاً يتشيع أو يخالط بني أمية أو نحو ذلك لغو لا يرتضيه العارف البتة، هذا حكم بقية علماء السنة لهم وعليهم، ألا ترى أن مسلماً صحح حديث أبي معاوية عن الأعمش عن عدي بن ثابت عن زر قال «قال علي: والذي فلق الحبة وبرأ النسمة إنه لعهد النبي الأمي صلى الله عليه وسلم إلى أن يحبني إلا مؤمن ولا يبغضني إلامنافق» ولا أعلم أحداً طعن فيه، مع ان عدي بن ثابت معروف بالتشيع بل وصفه بعضهم بالغلو فيه، وكان إمام مسجد الشيخة وقاضهم، والبخاري إن لم يخرج هذا الحديث فقد احتج بعدي بن ثابت في عدة أحاديث، ولو كان

يتهمه بكذب ما في الرواية لما احتج به البتة

الأمر الثاني ذكر مر من أسباب الكذب خطأ أن يخطئ الخبر في معرفة حقيقة ما عاين أو سمع، وينقل الخبر بحسب ما اعتقد، أقول: قد عرف المحدثون هذا، ولذلك شرطوا في الراوي أن يكون ضابطاً متثبتاً عارفاً بمعاني الكلام إذا روى بالمعنى، ويختبرون حاله في ذلك باعتبار حديثه كما تقدم ص٥٥و٦٢ وغيرهما

الأمر الثالث ذكر من أسباب تلقي الراوي الصدوق خبر الكاذب ونقله له، حسن الظن بالمخبر، وموافقة الخبر لرغبة الراوي وضعف تمحيصه. أقول:

<<  <   >  >>