في أسانيدها ومتونها، لأن ما صح منها يكون خاصاً بصاحبه»
أقول: إن أراد بقوله «صاحبه» من عرف صحته بمعنى أنه ليس له إلزام غيره فسيأتي قريباً، وإن أراد به الصحابي الذي ورد فيه فإنما يصح هذا حديث يثبت دليل على الخصوصية. وراجع ص٢٨-٣٥
قال «ومن صح عنده شيء منها رواية ودلالة عمل به، ولا تجعل تشريعاً عامة تلزمه الأمة إلزاماً تقليداً لمن أخذ به»
أقول: على من صح عنده أن يبين ذلك لغيره ويعذره إن خالفه ولم يتبين له عناده أو زبغة، وإلا لزمه أمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وعلى الإمام أن يمنع من يتبين له خطأه في الإفتاء بذلك الخطأ، ويمنع الناس من الأخذ بفتواه، وفي سيرة عمر رضي الله عنه ما يبين هذا
/ ثم ذكر أشياء قد تقدم النظر فيها، إلى أن قال «وما كل مالم يصح سنده يكون متنه غير صحيح»
أقول: وجه ذلك أنه قد يثبت بسند آخر صحيح، لكن لا يخفى أن هذا الاحتمال لا يفيد المتن شيئاً من القوة، غايته أن يقتضي التريث في الجزم بضعفه مطلقاً حتى يبحث فلا يوجد له سند صحيح
وذكر أشياء تقدم النظر فيها، إلى أن قال ص٣٥٢ «ولم يظهر البخاري ولا غيره من كتب الحديث إلا بعد انقضاء خير القرون»
أقول: هذا مأخوذ من قدح بعض الملحدين في القرآن بأن المصاحف لم تكن في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، وكما يقال لهذا: أليس المدار على المصاحف إنما الدار على ما فيها، وقد ثبت أنه القرآن الذي أنزله الله على رسوله صلى الله عليه وسلم، فكذلك نقول هنا: الأحاديث التي في صحيح البخاري ثبت أنها كانت معروفة عند خير القرون، وإنما رواها الثقات منهم وعنهم، بل ثبتت الحجة الشرعية عن النبي صلى الله عليه وسلم