رسول الله صلى الله عليه وسلم / «إذا استأذن أحدكم ثلاثاً فلم يؤذن له فليرجع» . فقال: والله لتقيمين عليه بينة. (زاد مسلم: وإلا أوجعتك. وفي رواية ثالثة: فوالله لأوجعن ظهرك وبطنك أو لتأتين بمن يشهد لك على هذا) أمنكم أحد سمعه من النبي صلى الله عليه وسلم؟ فقال أبي بن كعب: والله لا يقوم معك إلا أصغر القوم. فكنت أصغر القوم، فقمت معه فأخبرت عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ذلك»
قال أبو رية «فانظر كيف تشدد عمر في أمر ليس فيه حلال ولا حرام، وتدبر ماذا يكون الأمر لو كان الحديث في غير ذلك من أصول الدين أو فروعه. وقد استند إلى هذه القصة من يقولون إن عمر كان لا يقبل خبر الواحد. واستدل به من قال إن خبر العدل بمفرده لا يقبل حتى ينضم إليه غيره ... » .
أقول: قد ثبت عن عمر الأخذ بخبر الواحد في أمور عديدة، من ذلك أنه كان لا يورث المرأة من دية زوجها حتى أخبره الضحاك بن سفيان الكلابي أن النبي صلى الله عليه وسلم كتب إليه أن يورث امرأة أشيم الضبابي من دية زوجها. فرجع إليه عمر. وعمل بخبر عبد الرحمن بن عوف وحده في النهي عن دخول بلد فيها الطاعون وعمل بخبره وحده في أخذ الجزية من المجوس. وهذا كله ثابت، راجع رسالة الشافعي ٤٢٦: وفي صحيح البخاري وغيره عن عمر أنه قال لابنه عبد الله: «إذا حدثك سعد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بشيء فلا تسأل عنه غيره. وكان سعد حدث عبد الله حديثاً في مسح الخفين، فأما قصة أبي موسى فإنما شدد عمر لأن الاستئذان مما يكثر وقوعه، وعمر أطول صحبة للنبي صلى الله عليه وسلم وأكثر ملازمة وأشد اختصاصاً، ولم يحفظ هو ذاك الحكم فاستغربه، ولهذا لما أخبره أبو سعيد عاد عمر باللائمة على نفسه فقال «خفي علي هذا من أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم» ألهاني عنه الصفق بالأسواق» . وهذا ثابت في الصحيحين. وأنكر أبي بن كعب على عمر تشديده على أبي موسى وقال «فلا تكن يا ابن الخطاب عذاباً على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم» فقال عمر «إنما سمعت شيئاً فأحببت أن أتثبت» وهذا في صحيح مسلم. وقد كان عمر يسمى أبياً: