ما بين مكثر ومقل، ولم يكن المقل يعيب على المكثر إلا أن يرى بعضهم أن الإكثار جداً خلاف الأولى، وهذا عمر الذي نسب إ ليه كراهية الإكثار قد جاءت عنه – مع تقدم وفاته—أكثر من خمسمائة حديث، وله في صحيح البخاري وحده ستون حديثاً، وقد نسب إ ليه الوهم كما نسب إلى غيره،
فالحق الذي لا يرتاب فيه عاقل أنهم كانوا مأمورين بالتبليغ عند الحاجة، مأذونا لهم أن يحدثوا مطلقاً، مع العلم بشدة حرمة الكذب في جميع الأحوال، فمعنى ذلك أن عليهم ولهم أن يحدثوا بما يعتقدون أنهم صادقون فيه، ومع العلم بأن أحدهم إذا حدث معتقداً أنه صادق فقد يقع له خطأ، وإن من وقع له ذلك مع بذله وسعه في التحري والتحفظ فهو معذور، وهذا هو الذي تقتضيه القضايا العقلية والنصوص القرآنية، حتى لو فرض أنه لم يأت في الحديث / لفظ (متعمداً) ولا ما يؤدي معناه، فإن الأدلة القطعية توجب أن يكون هذا مراداً في المعنى.
ولا يتوهمن أحد أن كلمة متعمداً تخرج من حدث جازماً وهو شاك، كلا فإن هذا متعمد بالإجماع، ولا نعلم أحد من الناس حتى من أهل الجهل والضلالة زعم أن كلمة «متعمداً» تخرج هذا، وإنما وجد من أهل الجهل والضلال من تشبت بكلمة «علي» فقال: نحن نكذب له لا عليه. فلو شكك أبو رية في كلمة «علي» لكان أقرب
وذكر أبو رية (ص٣٨) حديث الزبير، ودونك تلخيص حاله: أشهر طرقه ر واية شعبة عن جامع بن شداد بن عامر عن عبد الله بن الزبير عن أبيه عن الزبير، رواه عن شعبة جماعة بدون كلمة «متعمداً» ورواه معاذ بن معاذ – وهو من جبال الحفظ – فذكرها. فنظرنا في رواية غندر عن شعبة- فإن غندراً ضبط كتابه عن شعبة وعرضه عليه وحققه، قال ابن المبارك: إذا اختلف الناس في حديث شعبة فكتاب غندر حكم بينهم. فوجدنا الإمام أحمد رواه في مسنده عن غندر عن شعبة وفيه الكلمة «متعمداً» . وكذلك رواه أبو بكر بن أبي شيبة