للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

السيد بمنْزلة السيد، فيصير ولد الأمة بمنْزلة ربها وسيدها (١).

وذكر الخطابي (٢) أنَّه استدلَّ بذلك من يقول: إنَّ أمَّ الولدِ إنَّما تعتق على ولدها من نصيبه من ميراث والده، وإنَّها تنتقل إلى أولادها بالميراث، فتعتق عليهم، وإنَّها قبل موت سيدها تُباع، قال: وفي هذا الاستدلال نظر.

قلت: قد استدل به بعضُهم على عكس ذلك، وعلى أنَّ أمَّ الولد لا تُباع، وأنَّها تعتق بموتِ سيِّدها بكل حال؛ لأنَّه جعل ولد الأمَة ربها، فكأن ولدها هو الذي أعتقها فصار عتقها منسوباً إليه؛ لأنَّه سببُ عتقها (٣)، فصار كأنَّه

مولاها (٤). وهذا كما روي عنِ النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - أنَّه قال في أمِّ ولده ماريَّةَ لمَّا ولدت إبراهيمَ - عليه السلام -: «أعتقها ولدُها» (٥).

وقد استدلّ بهذا الإمام أحمد، فإنَّه قال في رواية محمد بن الحكم عنه: تلد الأمةُ ربتها: تكثُر أمَّهاتُ الأولاد، يقول: إذا ولدت، فقد عتقت لولدها، وقال: فيه حجة أنَّ أمهات الأولاد لا يُبَعْنَ (٦).

وقد فسر قوله: «تلدُ الأمةُ ربَّتها» بأنَّه يكثرُ جلبُ الرَّقيق، حتّى تجلب البنت، فتعتق، ثم تجلب الأم فتشتريها البنت وتستخدمها جاهلة بأنَّها أمها، وقد وقع هذا في الإسلام (٧).

وقيل: معناه أنَّ الإماء يَلِدنَ الملوكَ، وقال وكيع (٨): معناه تلدُ العجمُ العربَ، والعرب ملوك العجم وأربابٌ لهم (٩).


(١) انظر: شرح السنة للبغوي ١/ ١١، وشرح النووي لصحيح مسلم ١/ ١٤٧، وقد تقدم التعليق على ذلك أول الحديث.
(٢) في " معالم السنن " ٤/ ٦٨.
(٣) من قوله: «ربها فكأن ولدها … »، إلى هنا لم يرد في (ص).
(٤) انظر: شرح النووي لصحيح مسلم ١/ ١٤٧، والواضح في شرح مختصر الخرقي ٥/ ٣٩٧ - ٣٩٨.
(٥) أخرجه: ابن سعد في " الطبقات " ١/ ١٠٨، وابن ماجه (٢٥١٦)، والدارقطني ٤/ ١٣١، والحاكم ٢/ ١٩، والبيهقي ١٠/ ٣٤٦ من حديث عبد الله بن عباس، به. وإسناده ضعيف لضعف الحسين بن عبد الله بن عبيد الله بن عباس.
(٦) انظر: المغني ١٢/ ٤٩٢.
(٧) انظر: شرح النووي لصحيح مسلم ١/ ١٤٧.
(٨) لم ترد في (ص).
(٩) أخرجه: ابن ماجه عقب (٦٣).

<<  <   >  >>