للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

وقال يوسفُ بنُ الحسينِ الرازيُّ: أعزّ شيءٍ في الدُّنيا الإخلاصُ، وكم اجتهد في إسقاطِ الرِّياءِ عَنْ قلبي، وكأنَّه ينبُتُ فيه على لون آخر.

وقال ابنُ عيينةَ: كان من دُعاء مطرِّف بن عبد الله: اللهمَّ إنِّي أستغفرُكَ ممَّا تُبتُ إليكَ منه، ثمّ عُدتُ فيه، وأستغفرُكَ ممَّا جعلتُهُ لكَ على نفسي، ثمَّ لم أفِ لك به، وأستغفركَ ممَّا زعمتُ أنِّي أردتُ به وجهَك، فخالطَ قلبي منه ما قد (١) علمتَ (٢).

[فصل]

وأمَّا النِّيَّةُ بالمعنى الذي يذكره الفُقهاءُ، وهو أنَّ تمييزَ العباداتِ من العاداتِ، وتمييز العباداتِ بعضها مِنْ بعضٍ، فإنَّ الإمساكَ عنِ الأكلِ والشُّربِ يقعُ تارةً حميةً، وتارةً لعدمِ القُدرةِ على الأكل (٣)، وتارةً تركاً للشَّهواتِ للهِ - عز وجل -، فيحتاجُ في الصِّيامِ إلى نيَّةٍ ليتميَّزَ بذلك عَنْ تركِ الطَّعامِ على غير هذا الوجه.

وكذلك العباداتُ، كالصَّلاةِ والصِّيامِ، منها فرضٌ، ومنها نفلٌ.

والفرضُ يتنوَّعُ أنواعاً، فإنَّ الصَّلواتِ المفروضاتِ خمسُ صلواتِ كلَّ يومٍ وليلةٍ، والصَّومُ الواجبُ تارةً يكونُ صيامَ رمضان، وتارةً (٤) صيامَ كفارةٍ، أو عن نذرٍ، ولا يتميَّزُ هذا كلُّه إلاَّ بالنِّيَّةِ، وكذلك الصدقةُ، تكونُ نفلاً، وتكونُ فرضاً، والفرضُ منه زكاةٌ، ومنه كفَّارةٌ، ولا يتميَّزُ ذلكَ إلاَّ بالنِّيَّةِ، فيدخلُ ذلك في عمومِ قوله - صلى الله عليه وسلم -: «وإنَّما لكل امرئٍ (٥) ما نَوى».

وفي بعضِ ذلك اختلافٌ مشهورٌ بينَ العُلماءِ، فإنَّ منهم مَنْ لا يُوجِبُ تعيينَ النِّيَّةِ للصَّلاةِ المفروضةِ، بل يكفي عندَه أنْ ينويَ فرضَ الوقتِ، وإنْ لم يستحضِرْ تسميتَه


(١) في (ص): «مما» بإسقاط: «قد».
(٢) أخرجه: أبو نعيم في " الحلية " ٢/ ٢٠٧.
(٣) عبارة: «وتارة لعدم القدرة على الأكل» لم ترد في (ص).
(٤) زاد بعدها في (ص): «يكون».
(٥) في (ج): «لامريءٍ».

<<  <   >  >>