للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

وكان بعضُ السَّلف يقصِدُ السُّوق ليذكر الله فيها بين أهل الغفلة.

والتقى رجلان منهم في السوق، فقال أحدهما لصاحبه: تعالَ حتّى نذكر الله في

غفلة الناس، فخلَوا في موضع، فذكرا الله، ثم تفرَّقا، ثم ماتَ أحدهما، فلقيه الآخر في منامه، فقال له: أشعرت أنَّ الله غفر لنا عشية التقينا في السُّوق؟ (١)

[فصل في وظائف الذكر الموظفة في اليوم والليلة]

معلومٌ أنَّ الله - عز وجل - فرض على المسلمين أنْ يذكروهُ كلَّ يوم وليلة خمس مرَّات، بإقامة الصلوات الخمس (٢) في مواقيتها الموقتة، وشَرَعَ لهم مع هذه الفرائض الخمس أنْ يذكروه ذكراً يكونُ لهم نافلةً، والنافلةُ: الزِّيادة، فيكونُ ذلك زيادةً على الصلوات الخمس، وهو نوعان:

أحدهما: ما هو من جِنس الصلاة، فشرع لهم أنْ يُصلُّوا مع الصَّلوات الخمس قبلها، أو بعدها أو قبلها وبعدها سنناً، فتكون زيادةً على الفريضة، فإنْ كان في الفريضة نقصٌ، جَبَر نقصها بهذه النوافل، وإلاَّ كانت النَّوافلُ زيادةً على الفرائض.

وأطولُ ما يتخلل بين مواقيت الصلاة مما ليس فيه صلاة مفروضة ما بَينَ صلاة العشاء وصلاة الفجر، وما بين صلاة الفجر وصلاة الظهر، فشرع كلِّ واحدة من هاتين الصَّلاتين صلاة تكون نافلةً؛ لئلاَّ يطولَ وقتُ الغفلة عن الذِّكر، فشرع ما بَين صلاةِ العشاء، وصلاة الفجر صلاةَ الوتر وقيامَ الليل، وشرع ما بين صلاة الفجرِ، وصلاة الظهر صلاة الضحى.

وبعضُ هذه الصلوات آكدُ من بعض، فآكدُها الوتر، ولذلك اختلفَ العلماءُ في وجوبه، ثمَّ قيامُ الليل، وكان النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - يُداومُ عليه حضراً وسفراً، ثمّ صلاة الضحى،


(١) أخرجه: ابن أبي شيبة (٣٥٦٩٢).
(٢) سقطت من (ص).

<<  <   >  >>