للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

وتُدركهم السعادةُ فتستنقذُهم، وقد يسلكُ بأهلِ الشقاءِ طريق أهلِ السعادةِ حتّى يقالَ: ما أشبههم بهم بل هم منهم ويُدركهم الشقاء، مَنْ كتبه الله سعيداً في أمِّ الكتابِ لم يُخرجه منَ الدنيا حتى يستعمِلَه بعملٍ يُسعِدُه قبلَ موتِهِ ولو بفَواقِ

ناقة (١)»، ثُمَّ قالَ: «الأعمالُ بخواتيمها، الأعمالُ بخواتيمها». وخرَّجه البزار في "مسنده " (٢) بهذا المعنى أيضاً من حديث ابن عمر عنِ النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -.

وفي " الصحيحين " (٣) عن سهل بن سعد: أنَّ النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - التقى هو والمشركون وفي أصحابه رجلٌ لا يدع شاذَّةً ولا فاذَّةً إلا اتبعها يَضرِبُها بسيفه، فقالوا: ما أجزأ منا اليوم أحدٌ كما أجزأ فلانٌ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «هو من أهل النار»، فقال رجلٌ من القوم: أنا صاحبُه، فأتَّبعه، فجُرِحَ الرجل جرحاً شديداً، فاستعجلَ الموتَ، فوضعَ نصلَ سيفه على الأرض وذُبَابَه بينَ ثدييه، ثُمَّ تحامل على سيفه فقتل نفسه، فخرج الرجلُ إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال: أشهد أنَّك رسولُ الله،

وقصَّ عليه القصةَ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إنَّ الرجلَ ليعملُ عملَ أهلِ الجنَّةِ

فيما يبدو للنَّاس وهو منْ أهلِ النار، وإنَّ الرجلَ ليعملُ عملَ أهلِ النارِ فيما يبدو للناس، وهو منْ أهلِ الجنةِ» زاد البخاري (٤) في رواية له: «إنَّما الأعمالُ

بالخواتيم».

وقوله: «فيما يبدو للناس» إشارةٌ إلى أنَّ باطنَ الأمر يكونُ بخلافِ ذلك، وإنَّ خاتمة السُّوءِ تكونُ بسبب دسيسةٍ باطنة للعبد لا يطلع عليها الناس، إما من جهة عمل سيئ ونحو ذلك، فتلك الخصلة الخفية توجب سُوءَ الخاتمة عند الموت، وكذلك قد يعمل الرجلُ عملَ أهل النَّارِ وفي باطنه خصلةٌ خفيةٌ من خصال الخير، فتغلب عليه تلكَ الخصلةُ في آخر عمره، فتوجب له حسنَ الخاتمة.


(١) هو ما بين الحلبتين من الراحة. " النهاية " ٣/ ٤٧٩.
(٢) " المسند " (٢١٥٦).
وأخرجه: اللالكائي في " أصول الاعتقاد " (١٠٨٨)، وإسناده ضعيف جداً؛ لشدة ضعف عبد الله بن ميمون القداح، انظر: مجمع الزوائد ٧/ ٢١٢.
(٣) صحيح البخاري ٤/ ٤٤ (٢٨٩٨) و ٥/ ١٦٨ (٤٢٠٣) و ٥/ ١٧٠ (٤٢٠٧)، وصحيح مسلم ١/ ٧٤ (١١٢) (١٧٩) و ٨/ ٤٩ (١١٢) (١٢).
(٤) في " صحيحه " ٨/ ١٢٨ (٦٤٩٣) و ٨/ ١٥٥ (٦٦٠٧).

<<  <   >  >>