للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

كان عملُه جارياً تحت أحكام الشرع، موافقاً لها، فهو مقبولٌ، ومن كان خارجاً عن ذلك، فهو مردودٌ.

والأعمال قسمان: عبادات، ومعاملات.

فأما العبادات، فما كان منها خارجاً عن

حكم (١) الله ورسوله بالكلية، فهو مردود على عامله، وعامله يدخل تحت قوله: {أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ الله} (٢)، فمن تقرَّب إلى الله بعمل، لم يجعله الله ورسولُه قربة إلى الله، فعمله باطلٌ مردودٌ عليه، وهو شبيهٌ بحالِ الذين كانت صلاتُهم عندَ البيت مُكاء وتصدية، وهذا كمن تقرَّب إلى الله تعالى بسماع الملاهي، أو بالرَّقص، أو بكشف الرَّأس في غير الإحرام، وما أشبه ذلك من المحدثات التي لم يشرع الله ورسولُه التقرُّب بها بالكلية.

وليس ما كان قربة في عبادة يكونُ قربةً في غيرها مطلقاً، فقد رأى النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - رجلاً قائماً في الشمس، فسأل عنه، فقيل: إنَّه نذر أنْ يقوم ولا يقعدَ ولا يستظلَّ وأنْ يصومَ، فأمره النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - أنْ يَقعُدَ ويستظلَّ، وأنْ يُتمَّ صومه (٣) فلم يجعل قيامه وبروزه للشمس قربةً يُوفى بنذرهما.

وقد روي أنَّ ذلك كان في يوم جمعة عندَ سماع خطبة النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - وهو على المنبر، فنذر أنْ يقومَ ولا يقعدَ ولا يستظلَّ ما دامَ النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - يخطُبُ (٤)، إعظاماً لسماع خطبة النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - (٥)، ولم يجعل النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - ذلك قربةً تُوفى بنذره، مع أنَّ القيام عبادةٌ في


(١) في (ص): «أمر».
(٢) الشورى: ٢١.
(٣) أخرجه: البخاري ٨/ ١٧٨ (٦٧٠٤)، وأبو داود (٣٣٠٠)، وابن ماجه (٢١٣٦)، وابن الجارود (٩٣٨)، وابن حبان (٤٣٨٥)، والدارقطني ٤/ ١٦١، والبيهقي ١٠/ ٧٥، والبغوي (٢٤٤٣) من حديث ابن عباس.
(٤) أخرجه: الطحاوي في "شرح المشكل" (٣٩٧١) (تحفة الأخيار)، والطبراني في " الكبير " (١١٨٧١)، والخطيب في " الأسماء المبهمة ": ٢٧٤ من حديث ابن عباس، وسنده قويٌّ.
(٥) في (ص): «إعظاماً لخطبته - صلى الله عليه وسلم -».

<<  <   >  >>