للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

الربا، قال: لا بأس به، وعن الرجل يُقضى من القمار قال: لا بأس به (١)، خرَّجه الخلال بإسناد صحيح، ورُوي عن الحسن خلاف هذا، وأنَّه قال: إنَّ هذه المكاسب قد فسدت، فخذوا منها شبه المضطَر.

وعارض المروي عن ابن مسعود وسلمان، ما روي عن أبي بكر الصدِّيق أنَّه أكل طعاماً ثم أخبر أنَّه من حرام، فاستقاءه (٢).

وقد يقع الاشتباه في الحكم، لكون الفرع متردِّداً بين أصول تجتذبهُ، كتحريم الرجل زوجته، فإنَّ هذا متردِّدٌ بين تحريم الظِّهار الذي ترفعه الكفَّارةُ الكبرى، وبين تحريم الطَّلقة الواحدة بانقضاء عدتها الذي تُباحُ معه الزوجة بعقدٍ جديدٍ، وبين تحريم الطَّلاق الثلاث الذي لا تُباح معه الزوجةُ (٣) بدون زوج وإصابة وبين تحريم الرجل عليه ما أحلَّه الله له مِنَ الطَّعام والشراب الذي لا يحرمه، وإنَّما يُوجب الكفَّارة الصُّغرى، أو لا يُوجب شيئاً على الاختلاف في ذلك، فمن هاهنا كَثُرَ الاختلافُ في هذه المسألة في زمن الصحابة فمن بعدهم.

وبكل حال فالأمور المشتبهة التي لا تتبين أنَّها حلال ولا حرام لكثير من الناس، كما أخبر به النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم -، قد يتبيَّنُ لبعضِ النَّاس أنَّها حلال أو حرام، لما عِنده مِنْ ذلك من مزيدِ علمٍ (٤)، وكلام النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - يدلُّ على أنَّ هذه المشتبهات مِنَ النَّاسِ من يعلمُها، وكثيرٌ منهم لا يعلمها، فدخل فيمن لا يعلمها نوعان:

أحدهما: من يتوقَّف فيها؛ لاشتباهها عليه.

والثاني: من يعتقدُها على غيرِ ما هي عليه، ودل كلامُه على أنَّ غير هؤلاء


(١) من قوله: «وعن الرجل يقضي … » إلى هنا سقط من (ص).
(٢) أخرجه: البخاري ٥/ ٥٣ (٣٨٤٢)، والبيهقي في " شعب الإيمان " (٥٧٧٠) من حديث عائشة - رضي الله عنها -، قالت: كان لأبي بكر غلامٌ يخرج له الخرج، وكان أبو بكر يأكل من خراجه فجاء يوماً بشيءٍ فأكل منه أبو بكر، فقال له الغلام: تدري ما هذا؟ فقال أبو بكر: وما هو؟ قال: كنت تكهنت لإنسان في الجاهلية، وما أحسنُ الكهانة إلا أني خدعتهُ فلقيني فأعطاني بذلك، فهذا الذي أكلت منه فأدخل أبو بكر يده، فقاء كل شيء في بطنه.
(٣) من قوله: «بعقد جديد … » إلى هنا سقط من (ص).
(٤) سقطت من (ص).

<<  <   >  >>