للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

ومجانبة الغش والحسد لهم، وأنْ يحبَّ لهم ما يحب لنفسه ويكره لهم ما يكره لنفسه، وما شابه ذلك، انتهى ما ذكره (١).

ومن أنواع نصحهم بدفع الأذى والمكروه عنهم: إيثارُ فقيرِهم وتعليمُ جاهلهم، وردُّ من زاغ منهم عن الحق في قول أو عمل بالتلطف في ردِّهم إلى الحق، والرفقُ بهم في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر محبة لإزالة فسادهم ولو بحصول ضررٍ له في دنياه، كما قال بعضُ السَّلف: وددتُ أنَّ هذا الخلق أطاعوا الله وأنَّ لحمي قُرِضَ بالمقاريضِ (٢)، وكان عمرُ بن عبد العزيز يقول: يا ليتنِي عملتُ فيكم

بكتابِ الله وعملتُم به، فكلما عملتُ فيكم بسنة، وقع منى عضوٌ حتى يكونَ آخر شيءٍ منها خروج نفسي.

ومن أنواع النصح لله تعالى وكتابه ورسوله - وهو مما يختص به العلماء -

ردُّ الأهواء المضلة بالكتاب والسنة، وبيانُ دلالتهما على ما يُخالف الأهواء

كلها، وكذلك ردُّ الأقوال الضعيفة من زلات العلماء، وبيانُ دلالة الكتاب والسنة على ردِّها، ومن ذلك بيان ما صحَّ من حديث النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، ومالم يصح منه بتبين حالِ رواته ومَنْ تُقْبَلُ رواياته منهم ومن لا تُقبل، وبيان غلط مَنْ غلط من ثقاتهم الذين تقبل روايتهم.

ومن أعظمِ أنواع النصح أنْ يَنْصَحَ لمن استشاره في أمره، كما قال - صلى الله عليه وسلم -:

«إذا استَنْصَحَ أحدُكُم أخاه، فليَنْصَحْ له» (٣)، وفي بعض الأحاديث: «إنَّ من حقِّ المسلم على

المسلم أنْ ينصحَ له إذا غابَ» (٤)

ومعنى ذلك: أنَّه إذا ذكر في غيبه بالسوء أنْ ينصره، ويرد عنه، وإذا رأى من يريد أذاه في غيبه، كفه عن ذلك، فإنَّ النصح في الغيب يدلُّ على صدق النصح، فإنَّه قد يظهر النصحَ في حضوره تملقاً، ويغشه في غيبه.


(١) أي: ابن الصلاح.
(٢) هذا قول زهير بن نعيم البابي. انظر: صفوة الصفوة لابن الجوزي ٤/ ٧، وتهذيب الكمال للمزي ٣/ ٤٠، وتهذيب التهذيب لابن حجر ٣/ ٣١٢.
(٣) سبق تخريجه وهو في " مسند الإمام أحمد " ٣/ ٤١٨.
(٤) أخرجه: أحمد ٢/ ٣٢١، والترمذي (٢٧٣٧)، والنسائي ٤/ ٥٣ وفي " الكبرى "، له

(٢٠٦٥)، والبيهقي في " شعب الإيمان " (٨٧٥٣) من حديث أبي هريرة، به، وقال الترمذي: «حديث صحيح».

<<  <   >  >>