للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

تُفِيضُونَ فِيهِ وَمَا يَعْزُبُ عَنْ رَبِّكَ مِنْ مِثْقَالِ ذَرَّةٍ فِي الأَرْضِ وَلا فِي السَّمَاءِ وَلا أَصْغَرَ مِنْ ذَلِكَ وَلا أَكْبَرَ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُبِينٍ} (١)، وقال تعالى: {أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُمْ بَلَى وَرُسُلُنَا لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ} (٢).

وأكثر ما يُراد بترك ما لا يعني حفظ اللسان من لغو الكلام كما أشير إلى ذلك في الآيات الأولى التي هي في سورة (ق).

وفي " المسند " من حديث الحسين، عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قال: «إنَّ من حُسْنِ إسلام المَرءِ قِلَّةَ الكَلامِ فيما لا يَعنيه» (٣).

وخرَّج الخرائطي (٤) من حديث ابن مسعود قال: أتى النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - رجل، فقال:

يا رسول الله إني مطاعٌ في قومي فما آمرهم؟ قال له: «مُرْهُم بإفشاء السَّلام، وقِلَّةِ الكلام إلا فيما يعنيهم».

وفي " صحيح ابن حبان " (٥) عن أبي ذرٍّ، عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قال: «كان في صحف إبراهيم عليه الصَّلاةُ والسلام: وعلى العاقل ما لم يكن مغلوباً على عقله أنْ تكونَ له ساعات: ساعةٌ يُناجي فيها ربَّه، وساعةٌ يُحاسِبُ فيها نَفسه، وساعةٌ يتفكَّرُ

فيها في صُنع الله، وساعةٌ يخلو فيها لحاجته من المطعم والمشرب، وعلى العاقل أنْ لا يكون ظاعناً إلا لثلاث: تزوُّدٍ لمعاد، أو مَرَمَّةٍ لمعاشٍ، أو لذَّةٍ في غير محرَّم، وعلى العاقل أنْ يكونَ بصيراً بزمانه، مقبلاً على شأنه، حافظاً للسانه، ومَنْ حَسَب كلامَه من عمله قلَّ كلامُه إلا فيما يعنيه».

وقال عمر بنُ عبد العزيز - رَحِمه الله -: من عدَّ كلامه من عمله، قلَّ كلامُه إلا فيما يعنيه (٦). وهو كما قال؛ فإنَّ كثيراً من الناس لا يعدُّ كلامَه من عمله، فيُجازف فيه، ولا يتحرَّى، وقد خَفِيَ هذا على معاذ بن جبل حتى سأل عنه النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - فقال: أنؤاخذ بما نتكلَّمُ به؟ قال: «ثَكِلَتكَ


(١) يونس: ٦١.
(٢) الزخرف: ٨٠.
(٣) سبق تخريجه.
(٤) في " مكارم الأخلاق " (١٩٦)، وإسناده ضعيف جداً؛ فإنَّ السري بن إسماعيل الكوفي متروك.
(٥) في " الإحسان " (٣٦١)، وإسناده ضعيف جداً؛ فإنَّ في سنده إبراهيم بن هشام متروك.
(٦) أخرجه: ابن عساكر في " تاريخ دمشق " ٤٨/ ١١٧.

<<  <   >  >>