للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

وقال ابنُ عباس: الزاني يُنزَعُ منه نورُ الإيمان (١). وقال أبو هريرة: يُنْزَعُ منه الإيمانُ، فيكون فوقَه كالظُّلَّةِ، فإذا تابَ عاد إليه (٢).

وقال عبدُ الله بن رواحة وأبو الدرداء: الإيمانُ كالقميصِ، يَلبَسُه الإنسانُ تارةً، ويخلعه أخرى، وكذا قال الإمام أحمد - رحمه الله - وغيره (٣)، والمعنى: أنَّه إذا كمَّل خصالَ الإيمان لبسه، فإذا نقصَ منها شيئاً نزعه، وكلُّ هذا إشارةٌ إلى الإيمان الكامل التَّام الذي لا يَنْقُصُ من واجباته شيء.

والمقصودُ أنَّ مِن جملة خِصال الإيمانِ الواجبةِ أنْ يُحِبَّ المرءُ لأخيه المؤمن ما يحبُّ لنفسه، ويكره له ما يكرهه لنفسه، فإذا زالَ ذلك عنه، فقد نَقَصَ إيمانُهُ بذلك.

وقد رُوِيَ أنَّ النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قال لأبي هريرة: «أَحِبَّ للنَّاسِ ما تُحبُّ لنفسِك تكن مسلماً» خرَّجه الترمذي وابن ماجه (٤).

وخرَّج الإمام أحمد (٥) من حديث معاذٍ: أنَّه سألَ النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - عن أفضلِ الإيمان، قال: «أفضلُ الإيمانِ أنْ تُحِبَّ للهِ وتُبغِضَ للهِ، وتُعْمِلَ لسانَك في ذكر الله»، قال: وماذا يا رسول الله؟ قال: «أنْ تُحِبَّ للنَّاس ما تُحبُّ لنفسك، وتكرَه لهم ما تكرهُ لنفسك، وأنْ تقول خيراً أو تَصْمُت».

وقد رتَّب النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - دخولَ الجنَّة على هذه الخَصْلَةِ؛ ففي " مسند الإمام أحمد " (٦) - رحمه الله - عن يزيد بن أسدٍ القَسْري، قال: قال لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «أتحبُّ الجنَّةَ» قلت: نعم، قال: «فأحبَّ لأخيكَ ما تُحبُّ لنفسك».


(١) ذكره: الآجري في " الشريعة ": ١١٥، وابن تيمية في " الإيمان ": ٣٠.
(٢) ذكر: ابن تيمية في " الإيمان ": ٣٠ نحوه.
(٣) ورد نحو هذا القول عن أبي هريرة. انظر: الإيمان لابن تيمية: ٣٠.
وورد نحوه أيضاً من قول سفيان الثوري. انظر: حلية الأولياء ٧/ ٣٢.
وورد من قول الإمام أحمد. انظر: المسائل والرسائل المروية عن الإمام أحمد بن حنبل في العقيدة ١/ ٩٢.
(٤) سبق تخريجه.
(٥) في" مسنده " ٥/ ٢٤٧ من حديث معاذ بن أنس الجهني، به، وإسناده ضعيف لضعف رشدين ابن سعد ولضعف زبان بن فائد.
(٦) المسند ٤/ ٧٠. وأخرجه: الحاكم ٤/ ١٦٨، وإسناده ضعيف لضعف روح بن عطاء بن أبي ميمونة.

<<  <   >  >>