للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

وهذه النُّصوصُ تدلُّ (١) على وجوب الضِّيافة يوماً وليلة، وهو قولُ الليث وأحمد (٢)، وقال أحمد: له المطالبةُ بذلك إذا منعه؛ لأنَّه حقٌّ له واجب، وهل يأخذُ بيده من ماله إذا منعه، أو يرفعه إلى الحاكم؟ على روايتين منصوصتين عنه (٣).

وقال حُميدُ بن زَنجويه: ليلةُ الضَّيف واجبةٌ، وليس له أنْ يأخذَ قِراه منهم قهراً، إلاَّ أنْ يكونَ مسافراً في مصالح المسلمين العامَّة دونَ مصلحة نفسه.

وقال الليثُ بن سعد: لو نزل الضَّيفُ بالعبد أضافه من المال الذي بيده، وللضيف أنْ يأكلَ، وإنْ لم يعلم أنَّ سيِّده أذِنَ له؛ لأنَّ الضيافة واجبة (٤). وهو قياسُ قول أحمد؛ لأنَّه نصَّ على أنَّه يجوز إجابةُ دعوة العبد المأذون له في التجارة وقد روي عن جماعة من الصحابة أنَّهم أجابوا دعوة المملوك، ورُويَ ذلك عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - أيضاً (٥)، فإذا جاز له أنْ يدعوَ الناس إلى طعامه

ابتداءً وجازَ إجابةُ دعوته، فإضافتُه لمن نزل به أولى.

ومنع مالكٌ والشافعيُّ وغيرُهما مِنْ دعوة العبد المأذون له بدون إذن سيِّده (٦)، ونقل عليُّ بن سعيدٍ، عن أحمدَ ما يدلُّ على وجوب الضيافة للغُزاة خاصَّةً بمن مرُّوا بهم ثلاثةَ أيَّامٍ (٧)، والمشهور عنه الأولُ، وهو وجوبُها لكلِّ ضيفٍ نزلَ بقومٍ.

واختلف قوله: هل تجبُ على أهلِ الأمصار والقُرى أم تختصُّ بأهلِ القُرى ومَنْ كان على طريقٍ يمرُّ بهم المسافرون؟ على روايتين منصوصتين عنه (٨).


(١) سقطت من (ص).
(٢) انظر: التمهيد ٢١/ ٤٣، والمغني ١١/ ٩١، وشرح صحيح مسلم للنووي ٦/ ٢٢٧.
(٣) انظر: المغني ١١/ ٩١، والشرح الكبير ١١/ ١١٩.
(٤) انظر: التمهيد ٢١/ ٤٣.
(٥) أخرج الترمذي في " جامعه " (١٠١٧) من حديث أنس بن مالك أنه قال: «ثم كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يعود المريض ويشهد الجنازة ويركب الحمار ويجيب دعوة العبد … ».
وأخرجه: الدارقطني في " العلل " ٦/ ٢٢٦، وأبو نعيم في " حلية الأولياء " ٥/ ٦٣، والبيهقي ١/ ٣٧٠، والخطيب في " تاريخه " ١٢/ ٣٢، وفيه مقال.
(٦) انظر: التمهيد ٢١/ ٤٣.
(٧) انظر: المغني ١٠/ ٥٦٩ - ٥٧٠.
(٨) انظر: التمهيد ٢١/ ٤٣ - ٤٤، والمغني ١١/ ٩١، وشرح صحيح مسلم للنووي ٦/ ٢٢٧.

<<  <   >  >>