للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

مِن الأكل مِنْ مالِ مَنْ نزل عليه فوق ثلاثة أيامٍ، ويأمر أنْ يُنْفَقَ عليه من ماله (١).

ولصاحب المنْزل أن يأمر الضيف بالتحوّل عنه بعد الثلاث؛ لأنَّه قضى ما

عليهِ، وفعل ذَلِكَ الإمام أحمد.

وقوله - صلى الله عليه وسلم -: «لا يَحِلُّ لهُ أنْ يَثوِيَ عندَه حتَّى يُحْرِجَه» يعني: يُقيم عندَه حتَّى يُضَيِّقَ عليهِ، لكن هل هذا في الأيام الثلاثة أم فيما زاد عليها؟ فأما فيما ليس بواجبٍ، فلا شك في تحريمه، وأما في ما هو واجب وهو اليوم والليلة فينبني على أنَّه هل تجب الضيافة على من لا يجد شيئاً أم لا تجب إلا على من وجد ما يضيف به؟ فإنْ قيل: إنَّها لا تجب إلا على من يجد ما يضيف به - وهو قولُ طائفةٍ من أهلِ الحديث، منهم: حُميدُ بنُ زنجويه - لم يحل للضيف أنْ يستضيف من هُوَ عاجز عن ضيافته. وقد رُوِيَ من حديث سلمان قال: «نهانا رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - أنْ نتكلَّفَ للضيفِ (٢) ما ليسَ عندنا» (٣)

فإذا نهي المضيف أنْ يتكلَّفَ للضيف ما ليس عنده دلَّ على أنَّه لا تَجِبُ عليه المواساةُ للضيف إلا مما عنده، فإذا لم يكن عنده فَضلٌ لم يلزمه شيءٌ، وأما إذا آثَرَ على نفسه، كما فعل الأنصاريُّ (٤) الذي نزل فيه

:

{وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ} (٥) فذلك مقامُ فضلٍ

وإحسّان، وليس بواجب.

ولو علم الضيف أنَّهم لا يُضيفونه إلا بقوتِهم وقوت صبيانهم، وأنَّ الصبية يتأذَّوْنَ


(١) أخرجه: ابن أبي شيبة (٣٣٤٧٧)، وأبو نعيم في " الحلية " ١/ ٣١١ من طريق نافع عن ابن عمر، به. وهو قريب من هذا اللفظ.
(٢) سقطت من (ص).
(٣) أخرجه: ابن المبارك في " الزهد " (١٤٠٤) و (١٤٠٥) و (١٤٠٦) و (١٤٠٧)
و (١٤٠٨)، وأحمد ٥/ ٤٤١، والبخاري في " التأريخ الكبير " ٢/ ٣٧٥ (٢٨٦٧)، والبزار (٢٥١٤) و (٢٥١٥)، والطبراني في " الكبير " (٦٠٨٣) و (٦٠٨٤)

و (٦٠٨٥)، والحاكم ٤/ ١٢٣، وأبو نعيم في " تأريخ أصبهان " ١/ ٥٦، والبيهقي في
" شعب الإيمان " (٩٥٩٨) و (٩٥٩٩) و (٩٦٠٠) و (٩٦٠١) وفي " الآداب "، له
(٨٤)، والخطيب في " تأريخه " ٨/ ٤٥.
(٤) أخرجه: البخاري ٦/ ١٨٥ (٤٨٨٩)، ومسلم ٦/ ١٢٧ (٢٠٥٤) (١٧٢) عن أبي حازم الأشجعي، عن أبي هريرة، به.
(٥) الحشر: ٩.

<<  <   >  >>