للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

استعظمه، فقال: والله لا يَغفِرُ الله لك،

فغفر الله للمذنب، وأحبط عملَ العابد». وقال أبو هريرة: لقد تكلَّم

بكلمة أوبقت دنياه وآخِرتَه، فكان أبو هريرة يُحَذِّرُ الناسَ أنْ يقولوا

مثلَ هذه الكلمة (١) في غضب. وقد خرَّجه الإمامُ أحمد (٢)

وأبو

داود (٣)،

فهذا غَضِبَ لله، ثم تكلَّم في حال غضبه لله بما لا يجوزُ، وحتم على الله بما لا يعلم، فأحبط الله (٤) عمله، فكيف بمن تكلَّم في غضبه لنفسه، ومتابعة هواه بما لا يجوز.

وفي " صحيح مسلم " (٥) عن عِمران بن حُصين: أنَّهم كانوا مع النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - في بعض أسفاره وامرأةٌ من الأنصار على ناقةٍ، فضَجِرَتْ، فلعَنَتها فسَمِعَ النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم -، فقال: «خذُوا مَتَاعَها ودَعُوها».

وفيه أيضاً عن جابر قال: سِرنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في غزوة ورجلٌ من الأنصارِ على ناضحٍ له، فتلدَّنَ عليه بعض التلدُّن، فقال له: سِرْ، لَعنَك الله، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «انْزِلْ عنه، فلا تَصْحَبْنا بملعونٍ، لا تدعوا على أنفُسِكُم، ولا تدعوا على أولادكم، ولا تَدْعوا على أموالكم، لا تُوافِقوا من الله ساعةً يُسأل فيها عطاء، فيستجيب لكم» (٦).

فهذا كله يدلُّ على أنَّ دعاء الغضبانِ قد يُجاب إذا صَادف ساعةَ إجابةٍ، وأنَّه ينهى عن الدعاء على نفسه وأهله وماله في الغضب.


(١) سقطت من (ص).
(٢) في " مسنده " ٢/ ٣٢٣ و ٣٦٣.
وأخرجه: ابن حبان (٥٧١٢)، والبيهقي في " شعب الإيمان " (٦٦٨٩)، والمزي في

" تهذيب الكمال " ٣/ ٤٨٧ - ٤٨٨ (٢٩٢٧) من حديث أبي هريرة، به. والروايات مطولة ومختصرة، وإسناده لا بأس به.
(٣) السنن (٤٩٠١) من حديث أبي هريرة، به.
(٤) عبارة: «فأحبط الله» لم ترد في (ص).
(٥) الصحيح ٨/ ٢٣ (٢٥٩٥) (٨٠) و (٨١).
وأخرجه: أبو داود (٢٥٦١)، والنسائي في " الكبرى " (٨٨١٦) من حديث عمران بن حصين، به.
(٦) الصحيح ٨/ ٢٣٣ (٣٠٠٩).
وأخرجه: ابن حبان (٥٧٤٢) من حديث جابر بن عبد الله، به.

<<  <   >  >>