للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

وأخذ هذا المعنى ابنُ المعتز فقال:

خلِّ الذُّنوبَ صَغِيرَها … وكَبِيرَها فَهْوَ التُّقَى

واصْنَعْ كماشٍ فَوْقَ أَرْ … ضِ الشَّوْكِ يَحْذَرُ ما يَرَى

لا تَحْقِرَنَّ صغيرةً … إنَّ الجِبَالَ مِنَ الحَصَى

وأصلُ التقوى: أنْ يعلم العبدُ ما يُتَّقى ثم يتقي، قال عونُ بنُ عبد الله: تمامُ التقوى أنْ تبتغي علمَ ما لم يُعلم منها إلى ما عُلِمَ منها (١).

وذكر معروفٌ الكرخيُّ (٢) عن بكر بن خُنيسٍ، قال: كيف يكون متقياً من لا يدري ما يَتَّقي؟ ثُمَّ قالَ معروفٌ: إذا كنتَ لا تُحسنُ تتقي أكلتَ الربا، وإذا كنتَ لا تُحسنُ تتقي لقيتكَ امرأةٌ فلم تَغُضَّ بصرك، وإذا كنت لا تُحسن تتقي وضعتَ سيفك على عاتقك، وقد قالَ النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - لمحمد بن مسلمة: «إذا رأيتَ أُمَّتِي قد اختلفَتْ، فاعمد

إلى سيفِكَ فاضْرِبْ به أُحُداً (٣)» (٤)، ثُمَّ قالَ معروف: ومجلسي هذا لعله كانَ ينبغي لنا أنْ نتَّقِيَهُ، ثم قال: ومجيئكم معي من المسجد إلى هاهنا كان ينبغي لنا أنْ نتقيه، أليس جاء في الحديث: «إنَّه فتنة للمتبوع مذلة

للتابع؟» (٥) يعني: مشيُ الناس خلف الرجل (٦).


(١) أخرجه: ابن أبي شيبة (٣٤٩٥٩)، وابن أبي الدنيا كما في " الدر المنثور " ١/ ٥٨.
(٢) هو معروف بن فيروز، وقيل الفيرُزان الكرخي، أبو محفوظ البغدادي، توفي سنة (٢٠٠ هـ ‍)، وقيل: (٢٠٤ هـ ‍). انظر: سير أعلام النبلاء ٩/ ٣٣٩، وشذرات الذهب ١/ ٣٦٠.
(٣) معنى ذلك: أن الفتن يجب اعتزالها وعدم الخوض فيها، فجاءت الوصية النبوية - إن صح الخبر - بضرب جبل أحد عند حصول الفتن، أي: كسره؛ لئلا يضرب به أحداً من المسلمين.
(٤) جزء من حديث طويل. أخرجه: ابن سعد في " الطبقات " ٣/ ٢٣٥، وابن أبي شيبة
(٣٧١٩٨)، وأحمد ٣/ ٤٩٣ و ٤/ ٢٢٥، وابن ماجه (٣٩٦٢)، والطبراني في "الكبير" ١٩/ (٥١٣) و (٥١٧) و (٥١٨) و (٥٢٣) و (٥٢٤) وفي "الأوسط"، له (١٣١١)، والحاكم ٣/ ١١٧، والبيهقي في " الكبرى " ٨/ ١٩١، وإسناده ضعيف لضعف علي بن زيد ابن جدعان، وجاء في بعض الطرق غير ذلك.
(٥) أخرجه: نعيم بن حماد في " زياداته على الزهد " لعبد الله بن المبارك (٤٨)، وهو موقوف على عمر بن الخطاب.
(٦) انظر: الحلية ٨/ ٣٦٥.

<<  <   >  >>