للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

الصحة بالتقوى والأعمال الصالحة، قال الله - عز وجل -: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللهَ فَأَنْسَاهُمْ أَنْفُسَهُمْ أُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} (١).

فمن ذكر الله في حال صحته ورخائه، واستعدَّ حينئذٍ للقاء الله بالموت وما بعده، ذكره الله عندَ هذه الشدائد، فكان معه فيها، ولَطَفَ به، وأعانه، وتولاَّه، وثبته على التوحيد، فلقيه وهو عنه راضٍ، ومن نسيَ الله في حال صحته ورخائه، ولم يستعدَّ حينئذٍ للقائه، نسيه الله في هذه الشدائد، بمعنى أنَّه أعرض عنه، وأهمله، فإذا نزل الموتُ بالمؤمنِ المستعدِّ له، أحسن الظنَّ بربه، وجاءته البُشرى مِنَ اللهِ، فأحبَّ لقاءَ الله، وأحبَّ الله لقاءه، والفاجرُ بعكس ذلك، وحينئذٍ يفرحُ المؤمنُ، ويستبشر بما قدمه مما هو قادمٌ عليه، ويَنْدَمُ المفرطُ، ويقول: {يَا حَسْرَتَى عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ

اللهِ} (٢).

قال أبو عبد الرحمان السُّلمي قبلَ موته: كيف لا أرجو ربي وقد صُمْتُ له ثمانين رمضان (٣).

وقال أبو بكر بنُ عيّاش لابنه عندَ موته: أترى الله يُضيِّعُ لأبيك أربعين سنة يَختِمُ

القرآن كُلَّ ليلةٍ؟ (٤)

وختم آدمُ بن أبي إياس القرآن وهو مسجَّى للموت، ثم قال: بحُبِّي لك، إلا رفقتَ بي في هذا المصرع؟ كنت أؤمِّلُك لهذا اليوم، كنتُ أرجوكَ لا إله إلاَّ الله، ثم قضى (٥).

ولما احتُضِرَ زكريا بنُ عديٍّ، رفع يديه، وقال: اللهمَّ إنِّي إليك لمشتاقٌ (٦).


(١) الحشر: ١٨ - ١٩.
(٢) الزمر: ٥٦.
(٣) أخرجه: يعقوب بن سفيان في " المعرفة والتاريخ " ٢/ ٥٩٠، وأبو نعيم في " الحلية " ٤/ ١٩٢، وابن الجوزي في " صفة الصفوة " ٣/ ٢٨، وذكره الذهبي في " سير أعلام النبلاء " ٤/ ٢٧١.
(٤) أخرجه: ابن الجوزي في "صفة الصفوة" ٣/ ٨١، وذكره الخطيب في " تاريخه " ١٦/ ٥٥٤، والذهبي في " سير أعلام النبلاء " ٨/ ٥٠٣.
(٥) أخرجه: ابن الجوزي في " صفة الصفوة " ٤/ ٢١٧، والخطيب في " تاريخه " ٧/ ٤٨٩، والمزي في " تهذيب الكمال " ١/ ١٦٠، وذكره الذهبي في " سير أعلام النبلاء " ١٠/ ٣٣٧.
(٦) أورده الذهبي في " سير أعلام النبلاء " ١٠/ ٤٤٣.

<<  <   >  >>