للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

- عز وجل -: {فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَنْ تَابَ مَعَكَ وَلا تَطْغَوْا إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ} (١).

فأمره أنْ يستقيمَ هوَ ومن تاب معه، وأنْ لا يُجاوزوا ما أُمِروا به، وهو الطغيانُ، وأخبر أنَّه بصيرٌ بأعمالهم، مطَّلعٌ عليها، وقال تعالى: {فَلِذَلِكَ فَادْعُ وَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَلا تَتَّبِعْ أَهْوَاءهُمْ} (٢). قال قتادة: أُمِرَ محمد - صلى الله عليه وسلم - أنْ يستقيمَ على أمر الله. وقال الثوري: على القرآن (٣)، وعن الحسن، قال: لما نزلت هذه الآية شَمَّرَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -، فما رؤي ضاحكاً. خرَّجه ابن أبي حاتم (٤).

وذكر القُشَيْريُّ وغيره عن بعضهم: أنَّه رأى النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - في المنام، فقال له: يا رسولَ الله قلتَ: «شَيَّبَتني هُودٌ وأخواتُها»، فما شيَّبك منها؟ قال: «قوله

{فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ}» (٥).

وقال - عز وجل -: {قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَاسْتَقِيمُوا إِلَيْهِ وَاسْتَغْفِرُوهُ} (٦).

وقد أمرَ الله تعالى بإقامةِ الدِّين عموماً كما قال: {شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحاً وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا

الدِّينَ وَلا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ} (٧)، وأمر بإقام الصلاة في غير موضعٍ من كتابه،

كما أمر بالاستقامة على التوحيد في تلك الآيتين.

والاستقامة: هي سلوكُ الصِّراط المستقيم، وهو الدِّينُ القيِّم من غير تعريج عنه يَمنةً ولا يَسرةً، ويشمل ذلك فعلَ الطَّاعات كلّها، الظاهرة والباطنة، وتركَ المنهيات كُلِّها كذلك، فصارت هذه الوصيةُ جامعةً لخصال الدِّين كُلِّها.


(١) هود: ١١٢.
(٢) الشورى: ١٥.
(٣) ذكره: القرطبي في " تفسيره " ١٦/ ١٣.
(٤) ذكره: السيوطي في " الدر المنثور " ٣/ ٦٣٦، ونسبه لابن أبي حاتم وأبي الشيخ.
(٥) أخرجه: البيهقي في " شعب الإيمان " (٢٤٣٩)، وهو من كلام أبي علي السري، وأصل الحديث: «شيبتني هود وأخواتها» تكلمت عليه بتوسع في كتابي " الجامع في العلل "، وهو من أوائل أحاديث الكتاب، يسر الله إتمامه وطبعه.
(٦) فصلت: ٦.
(٧) الشورى: ١٣.

<<  <   >  >>