للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

فيهما، لكن على انقسام الزمانين لهما، وإنْ تفاوتت مدتاهما (١)، وبقول شريح - وقيل له: كيف أصبحت؟ - قال: أصبحت ونصفُ الناس عليَّ غضبان (٢)، يريد أنَّ الناسَ بين محكومٍ له ومحكومٍ عليه، فالمحكومُ عليه غضبان، والمحكوم له راضٍ عنه، فهما حزبان مختلفان. ويقول الشاعر:

إذا مِتُّ كان الناسُ نصفينِ: شامتٌ … بموتي ومُثْنٍ بالذي كنتُ أفعلُ

ومراده أنَّهم ينقسمون قسمين.

قلت: ومِنْ هذا المعنى: حديث أبي هريرة المرفوع في الفرائض: «إنَّها نصف العلم» خرَّجه ابن ماجه (٣)، فإنَّ أحكامَ المكلفين نوعان: نوع يتعلق بالحياة، ونوع يتعلَّقُ بما بعدَ الموتِ، وهذا هو الفرائضُ. وقال ابنُ مسعود: الفرائضُ ثلث العلم (٤). ووجه ذلك الحديث الذي خرَّجه أبو داود (٥) وابنُ ماجه (٦)

من حديث عبد الله بن عمرو مرفوعاً: «العلم ثلاثة، وما سوى ذلك، فهو فضلٌ: آية محكمة، أو سنّةٌ قائمةٌ، أو فريضة عادلة».

وروي عن مجاهد أنَّه قال: المضمضةُ والاستنشاقُ نصفُ الوضوء، ولعلَّه أراد أنَّ الوضوء قسمان: أحدهما مذكور في القرآن، والثاني مأخوذٌ من السُّنَّةِ، وهو المضمضة والاستنشاق، أو أراد أنَّ المضمضةَ والاستنشاقَ يُطَهِّرُ باطنَ الجسدِ، وغسلَ سائرِ الأعضاء يُطهر ظاهره، فهما نصفان بهذا الاعتبار، ومنه قولُ ابن مسعود: الصبرُ نصفُ الإيمان، واليقينُ الإيمان كله (٧).


(١) انظر: معالم السنن ١/ ١٧٦.
(٢) لم أقف عليه في مظانه وذكره صاحب عون المعبود ٣/ ٢٨ (ط دار الكتب العلمية).
(٣) في " سننه " (٢٧١٩).
وأخرجه: الطبراني في "الأوسط" (٥٢٩٣)، والحاكم ٤/ ٣٣٢، والبيهقي ٦/ ٢٠٨ - ٢٠٩، وإسناده ضعيف لضعف حفص بن عمر بن أبي العطاف.
(٤) لم أقف عليه.
وأخرجه: معمر في " جامعه " (٢١٠١٣) من قول قتادة.
(٥) في " سننه " (٢٨٨٥).
(٦) في " سننه " (٥٤).

وأخرجه: الدارقطني (٤٠١٥)، والحاكم ٤/ ٣٣٢، والبيهقي ٦/ ٢٠٨، وإسناده ضعيف لضعف عبد الرحمان بن زياد الإفريقي وعبد الرحمان بن رافع التنوخي.
(٧) أخرجه: عبد الله بن أحمد في " السنة " (٨١٧)، والطبراني في " الكبير " (٨٥٤٤)، والحاكم ٢/ ٤٤٦، والبيهقي في " شعب الإيمان " (٤٨). …

<<  <   >  >>