للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

والصبر المحمود أنواع: منه صبرٌ على طاعةِ الله - عز وجل -، ومنه صبرٌ عن معاصي الله - عز وجل -، ومنه صبرٌ على أقدار الله - عز وجل -، والصبرُ على الطاعات وعنِ المحرَّماتِ أفضلُ من الصَّبرِ على الأقدار المؤلمة، صرّح بذلك السَّلفُ، منهم: سعيدُ بنُ جبير، وميمون بن مهران (١)، وغيرهما. وقد روي بإسناد ضعيفٍ من حديث عليٍّ مرفوعاً: «إنَّ الصَّبرَ على المصيبة يُكتب به للعبد ثلاث مئة درجة، وإنَّ الصَّبر على الطاعة يكتب له به ست مئة درجة، وإنَّ الصبر عن المعاصي يُكتب له به تسع مئة

درجة» (٢)،

وقد خرَّجه ابنُ أبي الدنيا وابن جرير الطبري.

ومن أفضل أنواع الصبر: الصيامُ، فإنَّه يجمعُ الصبرَ على الأنواعِ الثَّلاثةِ؛ لأنَّه صبرٌ على طاعةِ الله - عز وجل -، وصبرٌ عن معاصي الله؛ لأنَّ العبدَ يتركُ شهواتِه لله - عز وجل - ونفسه قد تنازعه إليها، ولهذا في الحديث الصحيح: «إنَّ الله - عز وجل - يقولُ: كُلُّ عمل ابنِ آدمَ له إلاَّ الصِّيامُ، فإنَّه لي، وأنا أجزي به، إنَّه تركَ شهوتَه وطعامَه وشرابَه من أجلي» (٣)، وفيه أيضاً صبرٌ على الأقدار المؤلمة بما قد يحصُلُ للصَّائم من الجوع والعطشِ، وكان النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - يسمِّي شهرَ الصِّيامِ شهرَ الصَّبر (٤).

وقد جاء في حديث الرجل من بني سُليم، عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: أنَّ الصوم نصفُ


(١) ذكره ابن الجوزي في " صفة الصفوة " ٤/ ١٣١ عن ميمون بن مهران، به.
(٢) أخرجه: ابن الجوزي في "الموضوعات" ٣/ ١٨٣ - ١٨٤، وطبعة أضواء السلف (١٦٧٨). وفيه عبد الله بن زياد بن سمعان. قال عنه مالك: «كذاب»، وقال عنه أحمد بن حنبل
:
«هو متروك الحديث كان إبراهيم ابن سعد يرميه بالكذب»، وعن يحيى بن معين قال
: «ابن السمعان ضعيف الحديث ليس بشيء»، وعن أحمد بن صالح قال: «أظن ابن السمعان كان يضع للناس، يعني: الحديث»، وقال عنه ابن حجر: «متروك اتهمه بالكذب أبو داود وغيره»؛ لذا قال ابن الجوزي: «هذا حديث موضوع».
انظر: الجرح والتعديل ٥/ ٧١ - ٧٢ (٢٧٩)، والتقريب (٣٣٢٦).
(٣) أخرجه: البخاري ٧/ ٢١١ (٥٩٢٧)، ومسلم ٣/ ١٥٧ (١١٥١) (٥٧).
(٤) أخرجه: الحارث في "مسنده" كما في " بغية الباحث " (٣٢١)، وابن خزيمة (١٨٨٧)، والمحاملي في " الأمالي " (٢٩٣)، وهو حديث ضعيف لضعف علي بن زيد بن جدعان، ولم يصححه ابن خزيمة بل توقف فيه.

<<  <   >  >>