للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

«أرأيت لو جعله في

حرامٍ، أكان يأثَمُ؟» قالَ: قلتُ: نعم، قالَ: «أفتحتسبون بالشرِّ ولا تحتسبون بالخير؟» وفي روايةٍ أخرى، فقال النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: «إنَّ فيك صدقةً كثيرةً، فذكر فضلَ سمعك وفضل بصرك» وفي روايةٍ أخرى للإمام أحمد (١): قال: «إنَّ من أبواب الصدقةِ التَّكبير، وسبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، وأستغفر الله، وتأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر، وتَعْزِلُ الشوكةَ عَنْ طريق الناس والعظم والحجر، وتهدي الأعمى، وتُسمع الأصمَّ والأبكم حتّى يفقَه، وتدلُّ المستدلَّ على حاجةٍ له قد علمتَ مكانَها، وتسعى بشدَّةِ ساقيك إلى اللَّهفان المستغيثِ، وترفَعُ بشدَّة ذراعَيْكَ مَعَ الضَّعيف، كلُّ ذلك من أبواب الصدقة منك على نفسك، ولك في جماعِكَ زوجتك أجرٌ»، قلتُ: كيف يكونُ لي أجرٌ في شهوتي؟ فقال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: «أرأيت لو كان لك ولدٌ، فأدرك ورجوتَ خيرَه، فمات، أكنت تحتسب به؟ قلت: نعم، قال: فأنت خلقته؟ قلت: بل الله خلقَه، قال: فأنت هديته؟ قلت: بل الله هداه، قال: فأنت كنت ترزُقُه؟ قلت: بل الله كان يرزُقُه، قال: كذلك فضعه في حلاله وجنبه حرامه، فإنْ شاء الله أحياه، وإنْ شاءَ أماته، ولك أجر».

وظاهرُ هذا السياق يقتضي أنَّه يُؤْجَرُ على جِماعِه لأهله بنيَّةِ طلب الولد الذي يترتَّبُ الأجر على تربيته وتأديبه في حياته، ويحتسبه عند موته، وأمَّا إذا لم يَنْوِ شيئاً بقضاءِ شهوته، فهذا قد تنازع النَّاسُ في دخوله في هذا الحديث (٢).

وقد صحَّ الحديث بأنَّ نفقة الرجل على أهله صدقة، ففي " الصحيحين " (٣) عن أبي مسعود الأنصاري، عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، قال: «نفقةُ الرجل على أهله


(١) سبق تخريجه.
(٢) قال النووي - رحمه الله -: «وفي هذا دليل على أنَّ المباحات تصير طاعات بالنيات … الصادقات، فالجماع يكون عبادة إذا نوى به قضاء حق الزوجة ومعاشرتها بالمعروف الذي أمر الله تعالى به، أو طلب ولد صالح، أو إعفاف نفسه، أو إعفاف الزوجة، ومنعهما جميعاً من النظر إلى حرام، أو الفكر فيه، أو الهم به، أو غير ذلك من المقاصد الصالحة». شرح صحيح مسلم ٤/ ١٠٠.
(٣) صحيح البخاري ١/ ٢١ (٥٥) و ٥/ ١٠٥ (٤٠٠٦) و ٧/ ٨٠ (٥٣٥١)، وصحيح مسلم ٣/ ٨١ (١٠٠٢) (٤٨).

<<  <   >  >>