للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

وخرَّج الإمام أحمد (١) من حديث المقدام بن معدي كرب، عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، قال: «ما أَطْعَمْتَ نفسَك، فهو لك صدقة، وما أطعمت ولدكَ، فهو لك … صدقة، وما أطعمت زوجتك، فهو لك صدقة، وما أطعمت خادمَك، فهو لك صدقة» وفي هذا المعنى أحاديثُ كثيرة يطول ذكرها.

وفي " الصحيحين " (٢) عن أنس، عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، قال: «ما مِنْ مسلمٍ يَغرسُ غَرْساً، أو يزرعُ زرعاً، فيأكلُ منه إنسانٌ، أو طيرٌ، أو دابَّةٌ، إلا كان له صدقةٌ».

وفي " صحيح مسلم " (٣) عن جابر، عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، قال: «ما من مسلمٍ يغرسُ غَرْساً إلا كان ما أكلَ منه له صدقة، وما سُرِقَ منه له صدقة، وما أَكَلَ السَّبعُ منه فهو له صدقة، وما أكلتِ الطَّير فهو له صدقةٌ، ولا يرزؤُه أحدٌ إلا كان له صدقة». وفي روايةٍ له أيضاً: «فيأكل منه إنسانٌ، ولا دابةٌ، ولا طائرٌ إلاَّ كان له صدقة إلى يوم القيامة».

وفي " المسند " (٤) بإسنادٍ ضعيف عن معاذ بن أنس الجُهني، عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قال: «من بَنى بنياناً في غير ظلمٍ ولا اعتداءٍ، أو غرس غِراساً في غيرِ ظلمٍ ولا اعتداءٍ، كان له أجراً جارياً ما انتفع به أحدٌ من خلق الرحمان».

وذكر البخاري في " تاريخه " (٥) من حديث جَابر مرفوعاً: «مَنْ حَفَر ماءً لم تشرب منه كبد حرَّى من جنٍّ ولا إنسٍ ولا سَبُعٍ ولا طائرٍ إلا آجره الله يومَ … القيامة».

وظاهر هذه الأحاديث كلّها يدلُّ على أنَّ هذه الأشياء تكونُ صدقة يُثاب عليها الزارعُ والغارسُ ونحوهما من غير قصدٍ ولا نيةٍ، وكذلك قولُ النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: «أرأيت لو وضعها في الحرام، أكان عليه وِزْرٌ؟ فكذلك إذا وضعها في الحلال كان له أجرٌ» يدلُّ بظاهره على أنَّه يُؤْجَرُ في إتيان أهله من غير نيَّةٍ، فإنَّ المُباضِع لأهله كالزَّارع في الأرض


(١) في " مسنده " ٤/ ١٣١ و ١٣٢، وهو حديث قويٌّ.
(٢) صحيح البخاري ٣/ ١٣٥ (٢٣٢٠) و ٨/ ١٢ (٦٠١٢)، وصحيح مسلم ٥/ ٢٨
(١٥٥٣) (١٢).
(٣) الصحيح ٥/ ٢٧ - ٢٨ (١٥٥٢) (٧) (٨) (٩) (١٠) (١١).
(٤) مسند الإمام أحمد ٣/ ٤٣٨، وسبب ضعفه ضعف ابن لهيعة وزبان بن فائد.
(٥) التاريخ الكبير ١/ ٣١٤، وقد ساقه البخاري مبيناً الاختلاف فيه على عطاء بن رباح فساقه مرفوعاً ثم موقوفاً ثم ساقه من طريقه عن عائشة مرفوعاً بلفظ: «من بنى مسجداً بنى الله له بيتاً في الجنة».

<<  <   >  >>