للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

بقوله: الحمد لله، فما جزاء تلك النَّعمة؟ جزاؤها أنْ يقولَ: الحمد لله، فجاءت نعمةٌ أخرى، فلا تنفد نعماءُ الله (١).

وقد روى ابنُ ماجه (٢) من حديث أنسٍ مرفوعاً: «ما أنعمَ الله على عبدٍ نعمةً، فقال: الحمدُ لله، إلاَّ كان الذي أعطى أفضلَ مما أخذ».

وروينا نحوه من حديث شهر بن حوشب (٣)، عن أسماء بنت يزيد مرفوعاً أيضاً.

وروي هذا عن الحسن البصري من قوله (٤).

وكتب بعضُ عمال عمر بن عبد العزيز إليه: إني بأرضٍ قد كثُرَت فيها النِّعم، حتى لقد أشفقتُ على أهلها مِنْ ضعفِ الشُّكر، فكتب إليه عُمَرُ: إنِّي قد كنتُ أراك أعلم بالله ممَّا أنتَ، إنَّ الله لم يُنعم على عبدٍ نعمةً، فحمِدَ الله عليها، إلاَّ كان حمدُه أفضلَ من نِعَمِه، لو كنتَ لا تعرف ذلك إلاَّ في كتاب الله المنزل، قال الله تعالى: {وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُدَ وَسُلَيْمَانَ عِلْماً وَقَالا الْحَمْدُ للهِ الَّذِي فَضَّلَنَا عَلَى كَثِيرٍ مِنْ عِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ} (٥)، وقال تعالى: {وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَراً حَتَّى إِذَا جَاءوهَا} إلى قوله: {وَقَالُوا الْحَمْدُ للهِ} (٦) وأيّ نعمة أفضلُ من دخول الجنَّة (٧)؟

وقد ذكر ابنُ أبي الدنيا في " كتاب الشكر " (٨) عن بعض العُلماء أنَّه صوَّب هذا القولَ: أعني قولَ من قال: إنَّ الحمدَ أفضلُ من النِّعم، وعن ابن عُيينة أنَّه خطَّأ قائلَه، قال: ولا يكون فعلُ العبدِ أفضلَ من فعلِ الربِّ - عز وجل - (٩).

ولكن الصواب قول من صوَّبه، فإنَّ المرادَ بالنعم: النعم الدنيوية، كالعافية


(١) أخرجه: ابن أبي الدنيا في " الشكر " (٧)، والبيهقي في " شعب الإيمان " (٤٤٠٨).
(٢) في " سننه " (٣٨٠٥)، وإسناده ضعيف لضعف شبيب بن بشر.
(٣) لم أقف على هذه الرواية، وشهر بن حوشب ضعيف.
(٤) أخرجه: ابن أبي الدنيا في " الشكر " (١١١)، والبيهقي في " شعب الإيمان " (٤٤٠٦).
(٥) النمل: ١٥.
(٦) الزمر: ٧٣ - ٧٤.
(٧) أخرجه: أبو نعيم في " حلية الأولياء " ٥/ ٢٩٣.
(٨) الشكر (١١) عن الحسن.
وأخرجه: البيهقي في " شعب الإيمان " (٤٥٨٦).
(٩) ذكره: المناوي في " فيض القدير " ٥/ ٥٤٧.

<<  <   >  >>