للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقد نصَّ الإمامُ أحمد على مثل هذا، قال المروزي في كتاب "الورع" (١): قلتُ لأبي عبد الله: إنَّ القطيعة أرفقُ بي من سائر الأسواق، وقد وقع في قلبي من أمرها شيءٌ، فقال: أمرُها أمرٌ قذر متلوِّث، قلت: فتكره العملَ فيها؟ قال: دع ذا عنك إنْ كان لا يقعُ في قلبك شيء، قلت: قد وقع في قلبي منها، قال: قال ابن مسعود: الإثم حوازُّ القلوب (٢). قلت: إنَّما هذا على المشاورة؟ قال: أيُّ شيءٍ يقع في قلبك؟ قلت: قد اضطربَ عليَّ قلبي، قال: الإثم حَوازُّ القلوب.

وقد سبق في شرح (٣) حديث النُّعمان بن بشير: «الحلالُ بَيِّنٌ والحَرامُ

بيِّنٌ» (٤)، وفي شرح حديث الحسين بن علي: «دع ما يريبُك إلى ما لا

يريبُك» (٥)، وشرح حديث: «إذا لم تستحي، فاصنع ما شئت» (٦) شيءٌ يتعلَّقُ بتفسير هذه الأحاديث المذكورة هاهنا.

وقد ذكر طوائفُ مِن فقهاءِ الشافعيَّة والحنفية المتكلمين في أصول الفقه مسألة الإلهام: هل هو حجَّةٌ أم لا؟ وذكروا فيه اختلافاً بينهم، وذكر طائفةٌ من أصحابنا أنَّ الكشفَ ليس بطريق للأحكام، وأخذه القاضي أبو يعلى من كلام أحمد في ذمِّ المتكلِّمين في الوساوس والخطرات، وخالفهم طائفةٌ من أصحابنا في ذلك، وقد ذكرنا نصَّ أحمد هاهنا بالرُّجوع إلى حوازِّ القلوب، وإنَّما ذمَّ أحمدُ وغيرُه المتكلمين على الوساوس والخطرات من الصوفية حيث كان كلامُهم في ذلك لا يستندُ إلى دليلٍ شرعيٍّ، بل إلى مجرَّد رأي وذوقٍ، كما كان ينكرُ الكلامَ في مسائلِ الحلال والحرام بمجرَّدِ الرَّأي من غير دليلٍ شرعيٍّ.

فأمَّا الرُّجوع إلى الأمور المشتبهة إلى حوازِّ القلوب، فقد دلَّت عليه النُّصوص


(١) الورع (١٥٦).
(٢) سبق تخريجه.
(٣) «شرح» سقطت من (ص).
(٤) سبق تخريجه.
(٥) سبق تخريجه.
(٦) سبق تخريجه.

<<  <   >  >>