للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

فرقة، وأنَّها كلَّها في النَّار إلاَّ فرقة واحدة، وهي من كان على ما هو عليه وأصحابُه،

وكذلك في هذا الحديث أمر عندَ الافتراق والاختلاف بالتمسُّك بسنَّته وسنَّةِ الخلفاء الرَّاشدين من بعده، والسُّنة: هي الطريقة المسلوكةُ، فيشمل ذلك التمسُّك بما كان عليه هو وخلفاؤه الرَّاشدونَ مِنَ الاعتقادات والأعمال والأقوال، وهذه هي السُّنةُ الكاملةُ، ولهذا كان السلف قديماً لا يُطلقون اسم السُّنَّةِ إلا على ما يشمل ذلك كلَّه، ورُوي معنى ذلك عن الحسن والأوزاعي والفُضيل بن عياض.

وكثيرٌ من العُلماء المتأخرين يخصُّ اسم السُّنة بما يتعلق بالاعتقادات؛ لأنَّها أصلُ الدِّين، والمخالفُ فيها على خطرٍ عظيم، وفي ذكر هذا الكلام بعد الأمر بالسَّمع والطَّاعة لأُولي الأمر إشارةٌ إلى أنَّه لا طاعةَ لأولي الأمر إلاّ في طاعة اللهِ، كما صحَّ عنه أنَّه قال: «إنَّما الطَّاعةُ في المعروف» (١).

وفي " المسند " (٢) عن أنس: أنَّ معاذَ بن جبل قال: يا رسول الله، أرأيتَ

إنْ كان علينا أمراءُ لا يستنُّون بسنَّتك، ولا يأخذون بأمركَ، فما تأمرُ في أمرهم؟ فقالَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لا طاعة لمن لم يُطع الله - عز وجل -».

وخرَّج ابن ماجه (٣) من حديث ابن مسعود: أنَّ النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قال: «سيلي أمورَكم بعدي رجالٌ يطفئون من السنة ويعملون بالبدعة، ويؤخرون الصلاة عن مواقيتها» فقلت: يا رسول الله إنْ أدركتُهم، كيف أفعلُ؟ قال: «لا طاعة لمن عصى الله».

وفي أمره - صلى الله عليه وسلم - باتِّباع سنَّته، وسنَّة خلفائه الراشدين بعد أمره بالسمع والطاعة لوُلاةِ الأُمور عموماً دليلٌ على أنَّ سنةَ الخلفاء الراشدين متَّبعة، كاتِّباع سنته، بخلاف غيرهم من وُلاة الأمور.


(١) أخرجه: أحمد ١/ ٨٢ و ٩٤، والبخاري ٥/ ٢٠٣ (٤٣٤٠) و ٩/ ٧٨ (٧١٤٥) و ٩/ ١٠٩ (٧٢٥٧)، ومسلم ٦/ ١٥ (١٨٤٠) (٣٩) و ٦/ ١١٦ (١٨٤٠) (٤٠)، وأبو داود (٢٦٢٥)، والنسائي ٧/ ١٥٩ - ١٦٠ وفي " الكبرى "، له (٨٧٢٢) من حديث علي بن أبي طالب، به.
(٢) مسند الإمام أحمد ٣/ ٢١٣، وإسناده لا بأس به إن شاء الله.
(٣) في " سننه " (٢٨٦٥)، وإسناده حسن.

<<  <   >  >>