للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقوله: «أخبرني بعملٍ يُدخلني الجنَّةَ، ويُباعدني من النَّار» قد تقدَّم في شرح الحديث الثاني والعشرين من وجوه ثابتة من حديث أبي هريرة وأبي أيوب وغيرهما: أنَّ النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - سُئِلَ عن مثل هذه المسألة، وأجاب بنحو ما أجاب به في حديث معاذ.

وفي رواية الإمام أحمد في حديث معاذ أنَّه قال: يا رسول الله، إنِّي أريدُ أنْ

أسألَكَ عن كلمةٍ (١) قد أمرضَتنِي وأسقمتني وأحزنتني، قال: «سل عمَّا شئتَ»، قال: أخبرني بعملٍ يدخلُنِي الجنَّة لا أسألكَ غيرَه، وهذا يدلُّ على شدَّةِ اهتمامِ معاذٍ - رضي الله عنه - بالأعمال الصَّالحة، وفيه دليلٌ على أنَّ الأعمالَ سببٌ لدخول الجنَّة، كما قال تعالى: {وَتِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} (٢).

وأما قولُه - صلى الله عليه وسلم -: «لَنْ يدخُلَ أحدٌ منكُمُ الجنَّة بِعمَلِه» (٣) فالمراد - والله أعلم - أنَّ العملَ بنفسه لا يستحقُّ به أحدٌ الجنَّة لولا أنَّ الله جعله - بفضله ورحمته - سبباً لذلك، والعملُ نفسُه من رحمة الله وفضله على عبده، فالجنَّةُ وأسبابُها كلٌّ من فضل الله ورحمته.

وقوله: «لقد سألتَ عن عظيم» قد سبق في شرح الحديث المشار إليه أنَّ النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قال لِرجل سأله عن مثل هذا: «لئن كُنتَ أوجزت المسألة، لقد أعظمتَ وأطولتَ» (٤)، وذلك لأنَّ دخولَ الجنَّة


(١) في (ص): «مسألة».
(٢) الزخرف: ٧٢.
(٣) أخرجه: عبد الله بن المبارك في " الزهد " (١٤٤٥)، والطيالسي (٢٣٢٢)، وابن الجعد (٢٧٧٢)، وأحمد ٢/ ٢٣٥ و ٣٢٦ و ٣٩٠ و ٤٥١ و ٤٧٣ و ٥٠٩ و ٥١٤ و ٥٢٤، والبخاري ٨/ ١٢٨ (٦٤٦٣) وفي " الأدب المفرد "، له (٤٦١)، ومسلم ٨/ ١٣٨
(٢٨١٦) (٧١)، وابن ماجه (٤٢٠١)، وأبو يعلى (١٢٤٣)، وابن حبان (٣٤٨) و (٦٦٠)، والطبراني في " الأوسط " (٨٠٠٤)، والقضاعي في " مسند الشهاب "
(٦٢٦)، والبيهقي ٣/ ١٨ وفي " الشعب "، له (٧٦٦) و (١٠١٤٩) من طرق عن أبي هريرة، به.
(٤) أخرجه: الطبراني في " الكبير " (٧٢٨٤)، وقد تقدم.

<<  <   >  >>