وقوله - صلى الله عليه وسلم -: «ألا أُخبرك برأسِ الأمر وعموده وذِروة سنامه؟» قلتُ: بلى
يا رسول الله، قال:«رأسُ الأمر الإسلام، وعمودُه الصلاةُ، وذِروةُ سنامه
الجهادُ»، وفي روايةٍ للإمام أحمد من رواية شهر بن حوشب، عن ابن غَنْمٍ، عن معاذ قال: قال لي نبيُّ الله - صلى الله عليه وسلم -: «إنْ شئتَ حدَّثتُك برأسِ هذا الأمرِ وقِوام هذا الأمرِ وذِروة السَّنام»، قلتُ: بلى، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إنَّ رأسَ هذا الأمر أنْ تشهدَ أنْ لا إله إلا الله وحدَه لا شريكَ له، وأنَّ محمَّداً عبده ورسولُه، وإنَّ قِوام هذا الأمر إقام الصَّلاة، وإيتاءُ الزكاة، وإنَّ ذِروة السَّنام منه الجهادُ في سبيل الله، إنَّما أُمِرْتُ أنْ أقاتِلَ النَّاسَ حتّى يُقيموا الصّلاة، ويؤتوا الزَّكاة، ويشهدوا أنْ لا إله إلا الله، وأنَّ محمَّداً عبده ورسوله، فإذا فعلوا ذلك، فقد اعتصموا وعصموا دماءهم وأموالهم إلاَّ بحقِّها، وحسابُهم على الله - عز وجل -». وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:
«والذي نفسُ محمدٍ بيده، ما شحب وجهٌ، ولا اغبرَّت قدمٌ في عملٍ يُبتغى فيه درجات الجنَّة بعدَ الصلاة المفروضة كجهادٍ في سبيل الله، ولا ثَقَّلَ ميزانَ عبدٍ كدابَّةٍ تنفق له في سبيل الله، أو يُحمل عليها في سبيل الله - عز وجل -»(١).
فأخبر النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - عن ثلاثة أشياء: رأس الأمر، وعموده، وذروة سنامه.
فأمَّا رأس الأمر، ويعني بالأمر: الدين الذي بعث به وهو الإسلام، وقد جاء تفسيرُه في الرواية الأخرى بالشهادتين، فمن لم يقرَّ بهما ظاهراً وباطناً، فليسَ من الإسلام في شيء.
وأمَّا قِوام الدين الذي يقومُ به الدِّين كما يقومُ الفسطاطُ على عموده، فهو
الصلاة، وفي الرواية الأخرى:«وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة» وقد سبق القولُ في أركان الإسلام وارتباط بعضها ببعض.
وأمَّا ذِروة سنامه - وهو أعلى ما فيه وأرفعه - فهو الجهاد، وهذا يدلُّ على أنَّه أفضلُ الأعمال بعدَ الفرائض، كما هو قولُ الإمام أحمد وغيره من العلماء.
وقوله في رواية الإمام أحمد: «والذي نفس محمدٍ بيده ما شحب وجهٌ ولا اغبرَّت قدمٌ