للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

وخرَّج الترمذي (١) من حديث سهل بن سعد، عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، قال: «لو كانتِ الدُّنيا تعدِلُ عندَ الله جناح بعوضةٍ، ما سقى كافراً منها شربةً» وصححه (٢).

ومعنى الزهد في الشيء: الإعراضُ عنه لاستقلاله، واحتقاره، وارتفاع الهمَّةِ

عنه، يقال: شيء زهيد، أي: قليل حقير (٣).

وقد تكلَّم السَّلفُ ومَنْ بعدَهم في تفسير الزُّهد في الدُّنيا، وتنوَّعت عباراتهم عنه، وورد في ذلك حديثٌ مرفوع خرَّجه الترمذي (٤) وابن ماجه (٥) من رواية عمرو

بن واقدٍ، عن يونس بن حلبس، عن أبي إدريس الخولانيِّ، عن أبي ذرٍّ، عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، قال: «الزَّهادةُ في الدُّنيا ليست بتحريم الحلال، ولا إضاعة المال، ولكن الزهادة في الدُّنيا أنْ لا تكونَ بما في يديك أوثقَ ممَّا في يد الله، وأنْ تكون في ثواب المصيبة إذا أنتَ أُصبتَ بها أَرغبَ فيها لو أنَّها بقيت لك». وقال الترمذي: غريب لا نعرفه إلاَّ من هذا الوجه، وعمرو بن واقد منكر الحديث (٦).

قلت: الصحيح وقفه، كما رواه الإمام أحمد في كتاب " الزهد " (٧)، حدثنا زيد بن يحيى الدمشقي، حدثنا خالدُ بنُ صبيح، حدثنا يونس بن حلبس قال: قال أبو مسلم الخولاني: ليس الزهادةُ في الدُّنيا بتحريم الحلال، ولا إضاعة المال، إنَّما الزهادة في الدُّنيا أنْ تكونَ بما في يد الله أوثق مما في يديك، وإذا أُصِبْتَ بمصيبةٍ، كنت أشدَّ رجاءً لأجرها وذُخرها مِن إيَّاها لو بقيت لك.

وخرَّجه ابن أبي الدُّنيا من راوية محمد بن مهاجر، عن يونس بن ميسرة، قال: ليس الزَّهادة في الدُّنيا بتحريم الحلال، ولا بإضاعة المال، ولكن الزهادة في الدُّنيا أنْ


(١) في " جامعه " (٢٣٢٠) من حديث سهل بن سعد، به.
(٢) انظر: جامع الترمذي عقيب (٢٣٢٠)، على أنَّ في إسناده عبد الحميد بن سليمان ضعيف، وقد تابعه من هو مثله فلعل الترمذي صححه لشواهده، والله أعلم.
(٣) انظر: لسان العرب ٦/ ٩٧ (زهد).
(٤) في " جامعه " (٢٣٤٠) من حديث أبي ذر، به.
(٥) السنن (٤١٠٠) من حديث أبي ذر، به.
(٦) في " جامعه " عقيب (٢٣٤٠).
(٧) الزهد (٩٦).

<<  <   >  >>