للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقال حرب: سئل أحمد عن بيع المضطر، فكرهه، فقيل له: كيف هُو؟ قال: يجيئك وهو محتاج، فتبيعه ما يُساوي عشرة بعشرين، وقال أبو طالب: قيل لأحمد: إنَّ ربح بالعشرة خمسة؟ فكره ذلك، وإنْ كان المشتري مسترسلاً لا يحسن أنْ يُماكس، فباعه بغبنٍ كثيرٍ، لم يجز أيضاً. قال أحمد: الخِلابة: الخداع، وهو أنْ يَغْبِنه فيما لا يتغابَن الناسُ في مثله؛ يبيعه ما يُساوي درهماً بخمسة،

ومذهب مالكٍ وأحمد أنّه يثبت له خيارُ الفسخ بذلك.

ولو كان محتاجاً إلى نقدٍ، فلم يجد من يُقرضه، فاشترى سلعةً بثمن إلى أجل في ذمَّته، ومقصودُه بيعُ تلك السلعة، ليأخذ ثمنها، فهذا فيه قولانِ للسَّلف، ورخص أحمدُ فيه في رواية، وقال في رواية: أخشى أنْ يكون مضطَرّاً؛ فإن باعَ السِّلعة مِن بائعها له، فأكثرُ السَّلف على تحريمِ ذلك، وهو مذهبُ مالكٍ وأبي حنيفة وأحمد وغيرهم.

ومن أنواع الضرر في البيوع: التَّفريقُ بين الوالدةِ وولدها في البيع، فإنْ كان صغيراً، حَرُمَ بالاتفاق، وقد رُوي عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - أنَّه قال: «من فرَّق بين والدةٍ وولدِها، فرَّق الله بينه وبين أحبَّته يوم القيامة» (١)، فإنْ رضيت الأُمُّ بذلك، ففي جوازه اختلافٌ،

ومسائل الضرر في الأحكام كثيرة جداً، وإنَّما ذكرنا هذا على وجه المثال.

والنوع الثاني: أنْ يكون له غرضٌ آخرُ صحيحٌ، مثل أنْ يتصرَّف في ملكه بما فيه مصلحةٌ له، فيتعدَّى ذلك إلى ضرر غيرِه، أو يمنع غيرَه من الانتفاع بملكه توفيراً له، فيتضرَّر الممنوعُ بذلك.

فأما الأوَّل وهو التصرُّف في ملكه بما يتعدَّى ضررُه إلى غيره فإن كان على غير الوجه المعتادِ، مثل أنْ يؤجِّجَ في أرضه ناراً في يومٍ عاصفٍ، فيحترق ما يليه، فإنَّه


(١) أخرجه: أحمد ٥/ ٤١٢ و ٤١٤، والدارمي ٢/ ٢٢٧ - ٢٢٨، والترمذي (١٢٨٣)
و (١٥٦٦)، والطبراني (٤٠٨٠)، والدارقطني ٣/ ٦٧، والحاكم ٢/ ٥٥، والقضاعي في
" مسند الشهاب " (٤٥٦) عن أبي أيوب، به، قال الترمذي: «حسن غريب».
وفي الباب عن علي، به
تنبيه: أخرجه البيهقي ٩/ ١٢٦ منقطعاً.

<<  <   >  >>