للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

عن أنس، عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، قال: «لا تباغَضُوا، ولا تحاسَدوا، ولا تدابروا، وكونوا عِبادَ الله إخواناً».

ويُروى معناه من حديث أبي بكر الصديق مرفوعاً (١) وموقوفاً (٢).

فقوله - صلى الله عليه وسلم -: «لا تحاسدوا» يعني: لا يحسُدْ بعضُكم بعضاً، والحسدُ مركوزٌ في طباع البشر، وهو أنَّ الإنسان يكرهُ أن يفوقَهُ أحدٌ منْ جنسهِ في شيءٍ من الفضائل.

ثم ينقسم الناس بعدَ هذا إلى أقسام، فمنهم من يسعى في زوال نعمةِ المحسودِ بالبغي عليه بالقول والفعل، ثمَّ منهم من يسعى في نقلِ ذلك إلى نفسه، ومنهم من يَسعى في إزالته عن المحسودِ فقط من غيرِ نقل إلى نفسه، وهو شرُّهما وأخبثهما، وهذا هو الحسدُ المذمومُ المنهيُّ عنه، وهو كان ذنبَ إبليس حيث حسدَ آدم - عليه السلام - لمَّا رآه قد فاق على

الملائكة بأنْ خلقه الله بيده، وأسجد له ملائكتَه، وعلَّمه أسماء كلِّ شيءٍ، وأسكنه في جواره، فما زال يسعى في إخراجه من الجنَّة حتَّى أخرج منها، ويروى عن ابن عمرَ أنَّ إبليسَ قال لنوح: اثنتان بهما أُهلك بني آدم: الحسد، وبالحسد لُعِنتُ وجُعلتُ شيطاناً رجيماً، والحرص وبالحرص أُبيح آدمُ الجنةَ كلَّها، فأصبتُ حاجتي منه بالحرص. خرَّجه ابنُ أبي الدُّنيا.

وقد وصف الله اليهودَ بالحسد في مواضع من كتابه القرآن، كقوله تعالى:

{وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّاراً حَسَداً مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقّ} (٣)، وقوله: {أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ} (٤).

وخرَّج الإمام أحمد (٥) والترمذي (٦)


(١) أخرجه: الحميدي (٧).
(٢) أخرجه: أحمد ١/ ٣، والبخاري في " الأدب المفرد " (٧٢٤)، وابن ماجه (٣٨٤٩)، وأبو يعلى (١٢١).
(٣) البقرة: ١٠٩.
(٤) النساء: ٥٤.
(٥) في " مسنده " ١/ ١٦٧.
(٦) في " جامعه " (٢٥١٠).
وأخرجه: الطيالسي (١٩٣)، وأبو يعلى (٦٦٩)، والبيهقي ١٠/ ٢٣٢ وفي " شعب
الإيمان "، له (٨٧٤٧)، وهو حديث ضعيف وإسناده معلول، وقد أشار الترمذي إلى علته.

<<  <   >  >>