للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقال محمد بنُ كعب القُرَظيُّ في قوله تعالى: {إِذَا وَقَعَتِ الْوَاقِعَةُ لَيْسَ لِوَقْعَتِهَا كَاذِبَةٌ خَافِضَةٌ رَافِعَةٌ} (١)، قال: تَخفِضُ رجالاً كانوا في الدُّنيا

مرتفعين، وترْفَعُ رجالاً كانوا في الدُّنيا مخفوضين.

قوله - صلى الله عليه وسلم -: «بحسب امرئٍ مِنَ الشَّرِّ أنْ يحقِرَ أخاه المسلم» يعني: يكفيه مِنَ الشرِّ احتقارُ أخيه المسلم، فإنَّه إنَّما يحتقرُ أخاه المسلم لتكبُّره عليه، والكِبْرُ من أعظمِ خِصالِ الشَّرِّ، وفي " صحيح مسلم " (٢) عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - أنَّه قال: «لا يدخلُ الجنَّة من في قلبه مثقالُ ذرَّةٍ من كِبْرٍ».

وفيه أيضاً (٣) عنه أنَّه قال: «العزُّ إزاره والكبر (٤) ردائه، فمن نازعني عذَّبتُه» فمنازعته الله تعالى صفاته التي لا تليقُ بالمخلوق، كفى بها شراً.

وفي " صحيح ابن حبان " (٥) عن فَضالة بنِ عُبيدٍ، عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، قال: «ثلاثة لا يُسأل عنهم: رجلٌ يُنازعُ الله إزاره، ورجلٌ يُنازع الله رداءه، فإنَّ رداءه الكبرياء، وإزاره العزُّ، ورجلٌ في شكٍّ من أمر الله تعالى والقُنوطِ من رحمة الله».

وفي " صحيح مسلم " (٦) عن أبي هريرة، عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، قال: «من قال: هلكَ الناسُ، فهو أهلكهم (٧)» قال مالك: إذا قال ذلك تحزُّناً لما يرى في الناس، يعني في دينهم فلا أرى به بأساً،

وإذا قال ذلك عُجباً بنفسه، وتصاغُراً للناس، فهو المكروهُ الذي نُهي عنه. ذكره أبو داود في " سننه " (٨).


(١) الواقعة: ١ - ٣.
(٢) سبق تخريجه.
(٣) ٨/ ٣٥ (٢٦٢٠).
(٤) في " صحيح مسلم ": «والكبرياء».
(٥) (٤٥٥٩)، وهو حديث صحيح.
(٦) ٨/ ٣٦ (٢٦٢٣).
(٧) جاء في " صحيح مسلم " عقب الحديث: «قال أبو إسحاق: لا أدري، أهلَكَهم بالنصب أو أهلكُهم بالرفع»، وقال النووي في شرحه ٨/ ٣٤٧: «روي (أهلكهم) وعلى وجهين مشهورين: رفع الكاف وفتحها، والرفع أشهر، ويؤيده أنَّه جاء في رواية رويناها في " حلية الأولياء " في ترجمة سفيان الثوري (فهو من أهلكهم)، قال الحميدي في " الجمع بين الصحيحين ": الرفع أشهر، ومعناها أشدهم هلاكاً، وأما رواية الفتح فمعناها هو جعلهم هالكين، لا أنَّهم هلكوا في الحقيقة».
(٨) عقيب (٤٩٨٣).

<<  <   >  >>