للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

فتضمَّنت هذه النُّصوص كلُّها أنَّ المسلمَ لا يحِلُّ إيصالُ الأذى إليه بوجهٍ مِنَ الوجوهِ من قولٍ أو فعلٍ بغير حقٍّ، وقد قال الله تعالى: {وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَاناً وَإِثْماً مُبِيناً} (١).

وإنَّما جعلَ اللهُ المؤمنين إخوةً ليتعاطفوا ويتراحموا، وفي " الصحيحين " (٢) عن النعمان بن بشير، عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، قال: «مَثَلُ المؤمنين في توادِّهم وتراحُمِهم وتعاطُفهم، مَثَلُ الجسدِ، إذا اشتكي منه عضوٌ، تداعى له سائرُ الجسد بالحمَّى والسَّهر».

وفي رواية لمسلم (٣): «المؤمنون كرجلٍ واحدٍ، إنِ اشتكى رأسه تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر».

وفي رواية له أيضاً (٤):

«المسلمون كرجلٍ واحد إنِ اشتكى عينُه، اشتكى كلُّه، وإنِ اشتكى رأسُه، اشتكى كلُّه».

وفيهما (٥) عن أبي موسى، عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، قال: «المؤمن للمؤمن كالبُنيان، يشدُّ بعضُه بعضاً».

وخرَّج أبو داود (٦) من حديث أبي هُريرة، عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، قال: «المؤمن مرآةُ المؤمنِ، المؤمنُ أخو المؤمنِ، يكفُّ عنه ضيعتَه، ويحوطُه من ورائِه». وخرَّجه الترمذي (٧)، ولفظه: «إنَّ أحدَكُم مرآةُ أخيه، فإنْ رأى به أذى، فليُمطه عنه».

قال رجل لعمر بن عبد العزيز: اجعل كبيرَ المسلمين عندَك أباً، وصغيرهم ابناً، وأوسَطَهم أخاً، فأيُّ أولئك تُحبُّ أنْ تُسيء إليه (٨)؟ ومن كلام يحيى بن معاذ الرازي: ليكن حظُّ المؤمن منك ثلاثة: إنْ لم تنفعه، فلا تضرَّه، وإنْ لم تُفرحه، فلا تَغُمَّه، وإنْ لم تمدحه فلا تَذُمَّه.


(١) الأحزاب: ٥٨.
(٢) صحيح البخاري ٨/ ١١ (٦٠١١)، وصحيح مسلم ٨/ ٢٠ (٢٥٨٦) (٦٦).
(٣) في " صحيحه " ٨/ ٢٠ (٢٥٨٦) (٦٧).
(٤) ٨/ ٢٠ (٢٥٨٦) (٦٧).
(٥) صحيح البخاري ١/ ١٢٩ (٤٨١) و ٣/ ١٦٩ (٢٤٤٦) و ٨/ ١٤ (٦٠٢٦)، وصحيح مسلم ٨/ ٢٠ (٢٥٨٥) (٦٥).
(٦) في " سننه " (٤٩١٨)، وإسناده لا بأس به.
(٧) في "جامعه" (١٩٢٩)، وضعف الحديث بقوله عقبه: «ويحيى بن عبيد الله ضعفه شعبة».
(٨) أخرجه: الذهبي في " سير أعلام النبلاء " ٨/ ٤٢٩.

<<  <   >  >>