للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

وذلك لأنَّ الله - عز وجل - إنَّما افترض على عباده هذه الفرائض لِيُقربهم منه، ويُوجِبَ لهم رضوانه ورحمته.

وأعظمُ فرائضِ البدن التي تُقرِّب إليه: الصلاةُ، كما قال تعالى: {وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ} (١)، وقال النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: «أقربُ ما يكونُ العبدُ من ربه وهو ساجدٌ» (٢)، وقال: «إذا كان أحدُكم يُصلي، فإنَّما يُناجي ربَّه، أو ربُّه بينَه وبينَ القبلة» (٣). وقال: «إنَّ اللهَ يَنصِبُ وجهه لوجه عبده في صلاته ما لم يلتفت» (٤).

ومن الفرائض المقرّبة إلى الله تعالى: عدلُ الرَّاعي في رعيَّته، سواءٌ كانت رعيَّتُه عامّةً

كالحاكم، أو خاصةً كعدلِ آحاد النَّاس في أهله وولده، كما قال - صلى الله عليه وسلم -: «كُلُّكم راعٍ وكُلُكم مسؤولٌ عن رعيَّته» (٥).

وفي " صحيح مسلم " (٦) عن عبد الله بن عمرٍو، عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، قال: «إنَّ المُقسطين عند الله على منابِرَ من نُورٍ على يمين الرحمان - وكلتا يديه يمين - الذين يَعدِلُون في حكمهم وأهليهم وما ولُوا».

وفي " الترمذي " (٧) عن أبي سعيد، عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، قال: «إنَّ أحبَّ العبادِ إلى الله يَومَ القيامةِ وأدناهم إليه مجلساً إمامٌ عادلٌ».

الدرجة الثانية: درجةُ السابقين المقرَّبين، وهُمُ الذين تقرَّبوا إلى الله بعدَ الفرائض بالاجتهاد في نوافل الطاعات، والانكفافِ عن دقائقِ المكروهات بالوَرعِ، وذلك


(١) العلق: ١٩.
(٢) أخرجه: مسلم ٢/ ٤٩ (٤٨٢) (٢١٥)، وأبو داود (٨٧٥)، والنسائي ٢/ ٢٢٦ من حديث أبي هريرة، به.
(٣) أخرجه: البخاري ١/ ١١٢ (٤٠٥) من حديث أنس بن مالك.
(٤) أخرجه: الترمذي (٢٨٦٣)، وابن حبان (٦٢٣٣)، والطبراني في " الكبير " (٣٤٢٧) و (٣٤٢٨) و (٣٤٣٠) وفي "مسند الشاميين"، له (٢٨٧٠) عن الحارث الأشعري، به.
وهو جزء من حديث طويل، قال فيه الترمذي: «حسن صحيح غريب».
(٥) أخرجه: البخاري ٢/ ٦ (٨٩٣)، ومسلم ٦/ ٧ (١٨٢٩) (٢٠) من حديث عبد الله بن عمر، به.
(٦) ٦/ ٧ (١٨٢٧) (١٨).
(٧) في " جامعه " (١٣٢٩)، وهو حديث ضعيف في إسناده عطية بن سعد العوفي ضعيف عند المحدّثين، وقال الترمذي: «حسن غريب»، وهو من تساهله رحمه الله.

<<  <   >  >>