للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

عن أبي هريرة - رضي الله عنه -، عنِ النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قال: «الإيمانُ بِضعٌ وسَبعونَ، أو بضعٌ وستُّون شُعبة، فأفضلُها: قولُ لا إله إلا الله، وأدناها إماطةُ الأذى عن الطريق، والحياءُ شُعبةٌ من الإيمان» ولفظه لمسلم.

وفي " الصحيحين " (١) عن أبي هُريرة، عنِ النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، قال: «لا يزني الزّاني حينَ يزني وهو مُؤمنٌ، ولا يَسرقُ السّارق حين يسرق وهو مؤمنٌ، ولا يشرب الخمر حينَ يشربها وهو مؤمنٌ» فلولا أنَّ تركَ هذه الكَبَائِرَ مِنْ مُسمَّى الإيمان لما انتفى اسمُ الإيمانِ عن مرتكبِ شيءٍ منها؛ لأنَّ الاسمَ لا ينتفى إلاَّ بانتفاءِ بعض أركانِ المسمّى، أو واجباتِه (٢).

وأما وجهُ الجمعِ بينَ هذه النُّصوص وبينَ حديثِ سُؤال (٣) جبريلَ - عليه السلام - عَنِ الإسلامِ والإيمانِ، وتفريق النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - بينهما، وإدخاله الأعمالَ في مُسمَّى الإسلامِ دونَ مُسمَّى الإيمانِ، فإنَّه يتضح بتقريرِ أصلٍ، وهو أنّ مِنَ الأسماءِ ما يكونُ شاملاً لمسمّياتٍ مُتعدِّدةٍ عندَ إفرادِه وإطلاقه، فإذا قرن ذلك الاسم بغيره صار دالاًّ على بعضِ تلك المسمَّياتِ، والاسمُ المقرونُ به دالٌّ على باقيها، وهذا كاسم الفقيرِ والمسكينِ، فإذا أُفردَ أحدُهما دخل فيه كلُّ مَنْ هو محتاجٌ، فإذا قُرن أحدُهما بالآخر دلَّ أحدُ الاسمين على بعضِ أنواعِ ذوي الحاجاتِ (٤)، والآخر على باقيها، فهكذا اسمُ الإسلامِ والإيمانِ: إذا أُفرد أحدُهما، دخل فيه الآخر، ودلّ بانفرادِه على ما يدلُّ عليه


(١) صحيح البخاري ٣/ ١٧٨ (٢٤٧٥) و ٧/ ١٣٥ (٥٥٧٨) و ٨/ ١٩٥ (٦٧٧٢) و ٨/ ٢٠٤
(٦٨١٠)، وصحيح مسلم ١/ ٥٤ (٥٧) (١٠٠) و (١٠١) و ١/ ٥٥ (٥٧) (١٠٢) و (١٠٣) و (١٠٤) و (١٠٥).
(٢) انظر: الإيمان لابن تيمية: ٢٤٠ و ٢٤٩.
(٣) سقطت من (ص).
(٤) في (ص): «بعض ذي الحاجة».

<<  <   >  >>