للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

فذكر ذلك له، فقال: لقد ضللتُ إذاً وما أنا من المهتدين أقضي فيها بقضاء

رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: للابنة النِّصفُ، ولابنةِ الابن السُّدس تكملة الثلثين، وما بقي، فللأخت، قال: فأتينا أبا موسى، فأخبرناه بقول ابن مسعود، فقال: لا تسألوني مادام هذا الحبرُ فيكم.

وفيه (١) أيضاً عن الأعمش، عن إبراهيم، عن الأسود بن يزيد، قال: قضى فينا معاذُ بنُ جبل على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - النصف للابنة، والنصف للأخت، ثم ترك الأعمش ذكرَ عهدِ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فلم يذكره. وخرَّجه أبو داود (٢) من وجهٍ آخر عن الأسود، وزاد فيه: ونبيُّ الله - صلى الله عليه وسلم - يومئذٍ حيٌّ.

واستدلَّ ابنُ عباس لقوله بقول الله - عز وجل -: {قُلِ اللهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلالَةِ إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ} (٣) وكان يقول: أأنتم أعلم أم الله؟! يعني: أنَّ الله لم يجعل لها النصفَ إلا مع عدمِ الولد، وأنتم تجعلون لها النصف مع الولد وهو البنت (٤).

والصوابُ قولُ عمر والجمهور، ولا دلالةَ في هذه الآية على خلاف ذلك (٥)؛ لأنَّ المراد بقوله: {فَلَها نِصفُ ما تَركَ} (٦) بالفرض، وهذا مشروطٌ بعدم الولد بالكلية، ولهذا قال بعده: {فَإِنْ كَانَتَا اثْنَتَيْنِ فَلَهُمَا الثُّلُثَانِ مِمَّا تَرَكَ} (٧) يعني بالفرض، والأخت الواحدة إنَّما تأخذ النصفَ مع عدمِ وجود الولد الذكر والأنثى، وكذلك الأُختان فصاعداً إنَّما يستحقون الثُّلثين مع عدم وجودِ الولد الذكر والأنثى، فإنْ كان هناك ولدٌ، فإنْ كان ذكراً، فهو مقدَّمٌ على الإخوة مطلقاً ذكورهم وإناثهم، وإنْ لم يكن هناك ولدٌ ذكرٌ، بل أنثى، فالباقي بعد فرضها يستحقُّه الأخُ مع أخته بالاتفاق، فإذا كانتِ الأختُ لا يُسقِطُها أخوها؛ فكيف يُسقطها من هو أبعدُ منه من العصبات كالعمِّ وابنه؟ وإذا لم يكن العصبة الأبعد مسقطاً لها، فيتعيَّنُ تقديمُها عليه، لامتناع


(١) صحيح البخاري ٨/ ١٨٩ (٦٧٤١).
(٢) برقم (٢٨٩٣).
(٣) النساء: ١٧٦.
(٤) أخرجه: عبد الرزاق (١٩٠٢٣)، والحاكم ٤/ ٣٣٩، والبيهقي ٦/ ٢٣٣.
وانظر: المغني ٧/ ٧.
(٥) انظر: المغني ٧/ ٧.
(٦) النساء: ١٧٦.
(٧) النساء: ١٧٦.

<<  <   >  >>