للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقد قيل: إنَّ هذا مبنيٌّ على قوله: إنَّ الكلالةَ مَنْ لا ولدَ له خاصَّة، ولا يُشترط للكَلالةِ فَقْدُ الوالدِ، فيرثُ الإخوةُ مع الأب بالفرض (١).

ومن العلماء المتأخِّرين من قال: إذا كان الإخوةُ محجوبينَ بالأب، فلا يَحجُبُون الأمَّ عن شيءٍ، بل لها حينئذٍ الثُّلثُ، ورجَّحه الإمام أبو العباس ابن تيمية رحمة الله عليه، وقد يُؤخذ من عموم قولِ عمر وغيره من السَّلف: من لا يَرثُ لا يَحجُبُ (٢)، وقد قال نحوه أحمدُ والخِرَقي، لكن أكثر العلماء يحملون ذلك على أنَّ المرادَ مَنْ ليس له أهليَّةُ الميراث بالكلِّيَّة، كالكافر والرقيق، دون من لا يرثُ، لانحجابه بمن هو أقرب منه، والله أعلم.

وقد يَشهَدُ للقولِ بأنَّ الإخوة إذا كانوا محجوبين لا يَحجُبونَ الأمَّ أنَّ الله تعالى قال: {فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلأُمِّهِ السُّدُسُ} (٣) ولم يذكر الأب، فدلَّ على أنّ ذلك حكمُ انفراد الأم مع الإخوة، فيكون الباقي بعد السدس كلّه لهم، وهذا ضعيفٌ، فإنَّ الإخوة قد يكونون من أمٍّ، فلا يكونُ لهم سوى الثلث، والله تعالى أعلم.

واعلم أنَّ الله تعالى ذكر حُكمَ ميراث الأبوين، ولم يذكر الجدَّ ولا الجدَّة، فأما الجدَّةُ، فقد قال أبو بكر الصديق وعمر بن الخطاب رضي الله عنهما: إنه ليس لهما في كتاب الله شيءٌ (٤)، وقد حكى بعض العلماء الإجماع على ذلك، وأنَّ فرضها إنَّما ثبت بالسُّنَّة. وقيل: إنَّ السُّدس طعمةٌ أطعمها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وليس بفرضٍ، كذا روي عن ابن مسعود (٥)


(١) انظر: المغني ٧/ ٤.
(٢) أخرجه: عبد الرزاق (١٩١٠٤)، وابن أبي شيبة (٣١١٤٧) (ط. الحوت)، والدارمي
(٢٩٩٧) (ط. دار الحديث) من قول عمر بن الخطاب.
وأخرجه: عبد الرزاق (١٩١٠٨) من قول علي بن أبي طالب.
(٣) النساء: ١١.
(٤) أخرجه: عبد الرزاق (١٩٠٨٣)، وأحمد ٤/ ٢٢٥، وأبو داود (٢٨٩٤)، وابن ماجه
(٢٧٢٤)، والترمذي (٢١٠١)، وابن الجارود (٩٥٩)، وابن حبان (٦٠٣١)، والحاكم ٤/ ٣٣٨، والبيهقي ٦/ ٢٣٤، والبغوي في " شرح السنة " (٢٢٢١).
(٥) أخرجه: الترمذي (٢١٠٢)، والبيهقي ٦/ ٢٢٦ عن عبد الله بن مسعود، مرفوعاً.
وأخرجه: سعيد بن منصور (٩٩) و (١١٠)، والدارمي (٢٩٣٢) (ط. دار الحديث)، والبيهقي ٦/ ٢٢٦ عن عبد الله بن مسعود، موقوفاً.
وانظر: الواضح في شرح مختصر الخرقي ٣/ ٢٨٣.

<<  <   >  >>