للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

وابنِ عباس، والفرق بين الأم مع الأب ومع الجدِّ أنَّها مع الأب يشملُها اسمٌ واحدٌ، وهما في القُرب سواءٌ إلى الميت، فيأخذ الذكرُ منهما مثلَ حظِّ الأنثى مرتين كالأولاد والإخوة، وأما الأم مع الجد، فليس يشملها اسمُ واحد، والجدُّ أبعدُ من الأب، فلا يلزمُ مساواته به في ذلك.

وأما إنِ اجتمع الجدُّ مع الإخوة، فإنْ كانوا لأُمٍّ سقطوا به؛ لأنَّهم إنَّما

يرثون مِنَ الكَلالة، والكلالةُ: مَنْ لا وَلَدَ له ولا والد، إلا رواية شذَّتْ عن ابنِ عباسٍ.

وأما إن كانوا لأبٍ أو لأبوين، فقد اختلفَ العلماءُ في حكم ميراثهم قديماً

وحديثاً، فمنهم من أسقط الإخوة بالجدِّ مطلقاً، كما يسقطون بالأب وهذا قولُ الصديق، ومعاذٍ، وابن عباس وغيرهم، واستدلُّوا بأنَّ الجدَّ أبٌ في كتاب الله - عز وجل -، فيدخلُ في مسمَّى الأب في المواريث، كما أنَّ ولدَ الولدِ ولدٌ، ويدخُل في مسمّى الولد عندَ عدم الولد بالاتفاق، وبأنَّ الإخوةَ إنَّما يرثون مع الكَلالة، فيحجبُهُم الجدُّ كالإخوة من الأب، وبأنَّ الجدَّ أقوى من الإخوة، لاجتماعِ الفَرضِ والتَّعصيب له من جهةٍ واحدةٍ، فهو كالأب، وحينئذٍ، فيدخلُ في عمومِ قوله - صلى الله عليه وسلم - (١): «فما بقي، فلأَوْلَى رجلٍ ذكرٍ» (٢).

ومنهم من شرَّك بَينَ الإخوة والجدِّ وهو قولُ كثيرٍ من الصحابة، وأكثرُ الفقهاء بعدهم على اختلاف طويل بينهم في كيفية التشريك بينهم في الميراث، وكان مِنَ السَّلف مَنْ يتوقَّف في حكمهم ولا يُجيب فيهم بشيءٍ؛ لاشتباه أمرهم وإشكاله، ولولا خشيةُ الإطالة لبسطنا القولَ في هذه المسألة، ولكن ذلك يؤدِّي إلى الإطالة جداً.

وأما حكمُ ميراث الإخوة للأبوين أو للأب، فقد ذكره الله تعالى في آخر سورة النساء في قوله تعالى: {يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلالَةِ إِنِ امْرُؤٌ

هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ} (٣) والكَلالةُ مأخوذة من تكلُّلِ النسب وإحاطته بالميت (٤)، وذلك يقتضي انتفاءَ الانتساب مطلقاً من العمودين الأعلى والأسفل،


(١) انظر: المغني ٧/ ٦٥ - ٦٦، والشرح الكبير على متن المقنع ٧/ ٩ - ١٠.
(٢) سبق تخريجه
(٣) النساء: ١٧٦.
(٤) انظر: لسان العرب ١٢/ ١٤٣ (كلل).

<<  <   >  >>