للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

ذكورهم وإناثهم، حيث لم يكن لذكرهم زيادةً على أنثاهم في الحياة من المعاضدة والمناصرة، كما بين أهلِ القبيلة والعشيرة الواحدة، فسوَّى بينهم في الصِّلة، ولهذا لم تُشرع الوصيَّةُ للأجانب بزيادة على الثلث، بل كان الثُّلثُ كثيراً في حقِّهم؛ لأنَّهم أبعدُ من ولدِ الأمِّ، فينبغي أنْ لا يُزادوا على ما يُوصل به ولدُ الأم، بل ينقصون منه.

واستدلَّ بعضُهم بقوله: «فما بقي فلأولى رجلٍ ذكرٍ» (١) على أنْ لا ميراثَ لذوي الأرحام؛ لأنَّه لم يجعل حقَّ الميراثِ لمن لم يُذكر في القرآن إلا لأقربِ الذكور، وهذا الحكمُ يختصُّ بالعصبات دون ذوي الأرحام، فإنَّ مَنْ ورَّث ذوي الأرحام، ورث ذكورهم وإناثهم.

وأجاب من يرى توريثَ ذوي الأرحام بأنَّ هذا الحديثَ دلَّ على توريث

العصبات، لا على نفي توريث غيرهم،

وتوريثُ ذوي الأرحام مأخوذٌ من أدلةٍ أخرى، فيكون ذلك زيادةً على ما دلَّ عليه حديثُ ابن عباس.

وأما قوله: «لأولى رجلٍ ذكرٍ» مع أنَّ الرجلَ لا يكونُ إلاّ ذكراً، فالجوابُ الصحيحُ عنه أنَّه قد يُطلَقُ الرجل، ويرادُ به الشخص، كقوله: من وجد ماله عند رجلٍ قد أفلس، ولا فرقَ بينَ أنْ يجده عند رجلٍ أو امرأةٍ، فتقييدُه بالذَّكر ينفي هذا الاحتمال، ويُخلصه للذكر دونَ الأنثى وهو المقصودُ، وكذلك الابنُ: لمَّا كان قد يُطلق، ويُراد به أعمُّ من الذكر، كقوله: ابن السبيل، جاء تقييدُ ابنِ اللبون في نصب الزكاة بالذكر. وللسهيلي كلامٌ على هذا الحديث فيه تكلُّفٌ وتَعسُّفٌ شديدٌ ولا طائلَ تحته، وقد ردَّه عليه جماعة ممن أدركناهم، والله أعلم (٢).


(١) سبق تخريجه.
(٢) انظر: فتح الباري ١٢/ ١٦ - ١٧ عقيب (٦٧٣٢).

<<  <   >  >>