للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

والمنصوص عن أحمد في رواية حنبل أنَّه لا يحِلُّ بيعه ولا شراؤه، وجعله كالسَّبُع، وحُكي عن الحسن أنَّه قال: لا يُركب ظهره، وقال: هو مسخ، وهذا كلُّه يدلُّ على أنَّه لا منفعةَ فيه.

ولا يجوزُ بيعُ الدُّبِّ، قاله القاضي في " المجرد "، وقال ابن أبي موسى: لا

يجوزُ بيعُ القردِ (١)، قال ابن عبد البرِّ: لا أعلمُ في ذلك خلافاً بين العلماء، وقال القاضي في " المجرد ": إنْ كان ينتفع به في موضع، لحفظ المتاع، فهو كالصَّقر والبازيِّ (٢)، وإلا، فهو كالأسد لا يجوزُ بيعه، والصحيح المنعُ مطلقاً، وهذه المنفعة يسيرةٌ، وليست هي المقصودة منه، فلا تُبيح البيعَ كمنافعِ الميتة.

ومما نُهي عن بيعه جيفُ الكفار إذا قُتِلوا،

خرّج الإمام أحمد (٣) من حديث ابن عباس قال: قتل المسلمون يوم الخندق رجلاً من المشركين، فأعطوا بجيفته مالاً، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «ادفعوا إليهم جيفَته، فإنَّه خبيثُ الجيفة، خبيثُ الدِّيةِ»، فلم يقبل منهم شيئاً. وخرَّجه الترمذي (٤)، ولفظه: إنَّ المشركين أرادوا أنْ يشتروا جَسَد رجلٍ من المشركين فأبى النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - أنْ يبيعهم. وخرَّجه وكيع في كتابه من وجه آخر عن عكرمة مرسلاً، ثم قال وكيع: الجيفة لا تُباع.

وقال حرب: قلت لإسحاق، ما تقول في بيع جيف المشركين من

المشركين (٥)؟ قال: لا. وروى أبو عمرو الشيباني أنَّ علياً أتي بالمستورد العجلي وقد تنصّر، فاستتابه فأبى أنْ يتوبَ، فقتله، فطلبت النصارى جيفته بثلاثين ألفاً، فأبى عليٌّ فأحرقه (٦).


(١) انظر: المغني ٤/ ٣٢٨، والشرح الكبير على متن المقنع ٤/ ١١.
(٢) قال ابن قدامة: فأما بيعه لمن ينتفع كحفظ المتاع والدكان ونحوه فيجوز لأنَّه كالصَّقَر

والبازي، وهذا مذهب الشافعي. انظر: المغني ٤/ ٣٢٨، والشرح الكبير على متن المقنع ٤/ ١١.
(٣) في " مسنده " ١/ ٢٤٨، وهو حديث ضعيف لضعف نصر بن باب، وفيه عنعنة الحجاج بن أرطاة، وهو مدلس.
(٤) في " جامعه " (١٧١٥)، وهو ضعيف أيضاً؛ فإنَّ في إسناده محمد بن عبد الرحمان بن أبي ليلى، وهو ضعيف الحفظ جداً، وهو منقطع أيضاً.
(٥) في (ص): «أناخذ ثمنها» بدل: «من المشركين».
(٦) أخرجه: عبد الرزاق (١٨٧١٠)، والبيهقي ٦/ ٢٥٤، وصحح إسناده ابن التركماني في
" الجوهر النقي " ٦/ ٢٥٤.

<<  <   >  >>