للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

قال طائفة من العلماء: وسواءٌ كان هذا المسكرُ جامداً أو مائعاً، وسواءٌ

كان مطعوماً أو مشروباً، وسواءٌ كان من حبٍّ أو ثمرٍ أو لبنٍ، أو غير ذلك، وأدخلوا في ذلك الحشيشة التي تُعمل من ورق القِنَّب، وغيرها ممَّا يُؤْكَلُ لأجل

لذَّته وسكره (١)، وفي " سنن أبي داود " (٢) من حديث شهر بن حوشب، عن أمِّ سلمة، قالت: نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن كلِّ مُسكرٍ ومُفتِّرٍ» والمفتر: هو المخدر للجسد، وإنْ لم ينته إلى حدِّ الإسكار (٣).

والثاني: ما يُزيلُ العقلَ ويسكر، ولا لذَّة فيه ولا طرب، كالبنج ونحوه، فقال أصحابنا: إنَّ تناوله لحاجة التداوي به، وكان الغالبُ منه السلامة جاز، وقد رُوي عن عُروة بن الزُّبير أنَّه لمَّا وقعت الأكِلَة في رجله، وأرادوا قطعَها، قال له الأطباء: نسقيك دواءً حتى يغيبَ عقلُك، ولا تُحِسَّ بألم القطع، فأبى، وقال: ما ظننتُ أنَّ خلقاً يشربُ شراباً يزولُ منه عقلُه حتّى لا يعرف ربّه (٤).

وروي عنه أنَّه قال: لا أشرب شيئاً يحولُ بيني وبين ذكر ربي - عز وجل -.

وإنْ تناول ذلك لغير حاجة التداوي، فقال أكثرُ أصحابنا كالقاضي، وابنِ عقيل، وصاحب " المغني ": إنَّه محرم؛ لأنَّه تسبب إلى إزالة العقل لغير حاجة، فحرم كشرب المسكر، وروى حنش الرحبي - وفيه ضعف (٥)

- عن عكرمة، عن ابن عباس


(١) انظر: عون المعبود ١٠/ ١٢٦.
(٢) الحديث (٣٦٨٦)، وإسناده ضعيف لضعف شهر بن حوشب، وقوله: «نهى عن كل مسكر» له شواهد صحيحة.
(٣) قال ابن الأثير: المفتر: الذي إذا شُرِبَ أحْمَى الجَسَدَ وصار فيه فتور، وهو ضعف وانكسار. النهاية ٣/ ٤٠٨.
(٤) أخرجه: ابن عساكر في " تاريخ دمشق " ٤٢/ ٢١١، وذكره الذهبي في "سير أعلام النبلاء" ٤/ ٤٣٠.
(٥) هو حسين بن قيس الرحبي. قال عنه أحمد بن حنبل: «متروك الحديث، ضعيف الحديث»، وقال: يحيى بن معين: «ضعيف، ليس بشيء»، وقال البخاري: «ترك أحمد حديثه،

لا يكتب حديثه»، وقال النسائي: «متروك الحديث، ليس بثقة»، وقال الدارقطني
: «متروك». انظر: التاريخ الكبير ٢/ ٣٨٢ (٢٨٩٢)، والضعفاء الكبير للعقيلي ١/ ٢٤٧، والكامل لابن عدي ٣/ ٢١٨ - ٢١٩ وميزان الاعتدال ١/ ٥٤٦.

<<  <   >  >>