للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقد رُوي عن عطاء من وجهين آخرين ضعيفين أنَّه أنكر على الحسن قوله: ثلاثٌ من كنَّ فيه، فهو منافق، وقال: قد حدَّث إخوةُ يوسف فكذبوا، ووعدوا فأخلفوا، وائتمنوا فخانوا ولم يكونوا منافقين (١)، وهذا لا يصح عن عطاء، والحسن لم يقل هذا من عنده وإنَّما بلغه عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -. فالحديث ثابت عنه - صلى الله عليه وسلم - لا شكَّ في ثبوته وصحته والذي فسره به أهلُ العلم المعتبرون أنَّ النفاقَ في اللغة هو من جنس الخداع والمكر وإظهار الخير، وإبطان خلافه، وهو في الشرع ينقسم إلى قسمين:

أحدهما: النفاقُ الأكبرُ، وهو أنْ يظهر الإنسانُ الإيمانَ بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر، ويُبطن ما يُناقض ذلك كلَّه أو بعضه، وهذا هو النِّفاق الذي كان على عهد النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، ونزل القرآن بذمِّ أهله وتكفيرهم، وأخبر أنَّ أهله في الدَّرْكِ الأسفل من النار (٢).

والثاني: النفاق الأصغر، وهو نفاق العمل (٣)، وهو أنْ يُظهر الإنسانُ علانيةً صالحةً، ويُبطن ما يُخالف ذلك.

وأصولُ هذا النفاق ترجع إلى الخصال المذكورة في هذه الأحاديث، وهي خمسة: أحدها: أن يُحدِّث بحديث لمن يصدِّقه به وهو كاذب له، وفي " المسند " (٤) عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، قال: «كَبُرَت خيانةً أنْ تحدِّث أخاك حديثاً هو لك

مصدِّقٌّ، وأنت به كاذب».


(١) أخرجه: ابن عدي في " الكامل " ٧/ ٣٢٣ - ٣٢٤.
وأخرجه: أبو نعيم في " صفة النفاق ونعت المنافقين " (٥٦).
(٢) انظر: شرح النووي لصحيح مسلم ١/ ٢٥٦ - ٢٥٧ عقيب (٥٩)، وفتح الباري ١/ ١٢٣ عقيب (٣٤).
(٣) انظر: شرح النووي لصحيح مسلم ١/ ٢٥٦ عقيب (٥٩).
(٤) مسند الإمام أحمد ٤/ ١٨٣.
وأخرجه: هناد في " الزهد " (١٣٨٤)، والطبراني في " مسند الشاميين " (٤٩٥)، وأبو نعيم في " الحلية " ٦/ ٩٩، والبيهقي في " شُعب الإيمان " (٤٨٢٠) عن النواس بن سمعان، به، وإسناده ضعيف جداً من أجل عمر بن هارون بن يزيد بن جابر البلخي - وقد تابعه عليه الوليد بن مسلم، وهو وإن كان ثقة إلاّ أنه يدلس تدليس التسوية، وقد عنعنه فلا يفرح بهذه المتابعة، فقد يكون سمعه من عمر بن هارون ثم دلسه عنه، لاسيما وقد قال أبو نعيم: «تفرد به عمر بن هارون».

<<  <   >  >>