للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

وفي " صحيح مسلم " (١) عن أبي هريرة: أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مرَّ على جبلٍ يقالُ له: جُمْدَان، فقال: «سِيروا هذا جُمدان (٢)، قد سبق المُفرِّدونَ». قالوا: ومن المفرِّدون يا رسول الله؟ قالَ: «الذاكرون الله كثيرا والذَّاكرات».

وخرَّجه الإمام أحمد (٣)، ولفظه: «سبقَ المفَرِّدونَ» قالوا: وما المفردون؟ قال: «الذينَ يُهْتَرونَ (٤) في ذكرِ اللهِ».

وخرَّجه الترمذي (٥)، وعنده: قالوا: يا رسول الله، وما المفرِّدون؟ قالَ:

«المُستَهتَرونَ في ذِكرِ الله يَضعُ الذِّكر عنهم أثقالهم، فيأتون يومَ القيامة خِفافاً».

وروى موسى بنُ عبيدة عن أبي عبد الله القَرَّاظ، عن معاذ بن جبل قال: بينما نَحنُ مَعَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نَسيرُ بالدّفِّ من جُمْدان إذ استنبه، فقال: «يا مُعاذُ، أينَ السابقون؟» فقلت: قد مَضَوا، وتخلَّف ناسٌ. فقال: «يا معاذ إنَّ السابقين الذين يُستَهتَرون بذكر الله - عز وجل -» (٦) خرّجه جعفر الفِرياني.

ومن هذا السياق يظهر وجه ذكر السابقين في هذا الحديث، فإنَّه لمَّا سبق الركب، وتخلف بعضهم، نبه النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - على أنَّ السابقين على الحقيقة هم الذين يُديمون ذكرَ الله، ويُولَعون به، فإنَّ الاستهتار بالشيء: هو الولوعُ به، والشغفُ، حتى لا يكاد يُفارِق ذكره، وهذا على رواية من رواه «المستهترون»

ورواه بعضُهم، فقال فيه: «الذين أُهتِروا في ذكرِ الله» وفسّر ابنُ قتيبة الهترَ بالسَّقْطِ في الكلام (٧)، كما في الحديث: «المستبان شيطانان يتكاذبان ويتهاتَران» (٨).


(١) ٨/ ٦٣ (٢٦٧٦) (٤).
(٢) جمدان: هو جبل بين ينبع والعيص، على ليلة من المدينة، وهو بضم الجيم، ثم سكون الميم. مراصد الاطلاع ١/ ٣٤٥.
(٣) في " مسنده " ٢/ ٣٢٣ و ٤١١ من حديث أبي هريرة.
(٤) أي: يولعون.
(٥) في " جامعه " (٣٥٩٦) من حديث أبي هريرة.
(٦) أخرجه: الطبراني في " الكبير " ٢٠/ (٣٢٦)، وموسى بن عبيدة ضعيف، وانظر: مجمع الزوائد ١٠/ ٧٥.
(٧) في غريب الحديث ١/ ٣٢١ - ٣٢٢ بهذا المعنى.
(٨) أخرجه: أحمد ٤/ ١٦٢ و ٢٦٦، والبخاري في " الأدب المفرد " (٤٢٧) و (٤٢٨)، وابن حبان (٥٧٢٦) و (٥٧٢٧)، والطبراني في " الكبير " ١٧/ (١٠٠١) و (١٠٠٢) عن عياض بن حمار.

<<  <   >  >>