للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

وخرَّج الطبراني (١) بهذا الإسناد مرفوعاً: «مَنْ لَمْ يُكثِرْ ذِكْرَ الله فقد برئ من الإيمان». ويشهد لهذا المعنى أنَّ الله تعالى وصف المنافقين بأنَّهم لا يذكرون الله إلا قليلاً، فمن أكثر ذكرَ الله، فقد بايَنَهُم في أوصافهم، ولهذا ختمت سورة المنافقين بالأمر بذكر الله، وأنْ لا يُلهي المؤمنَ عن ذلك مالٌ ولا ولدٌ، وأنَّ من ألهاه ذلك عن ذكر الله، فهو من الخاسرين.

قال الربيعُ بنُ أنس، عن بعض أصحابه: علامةُ حبِّ الله كثرةُ ذكره، فإنَّك لنْ تحبَّ شيئاً إلا أكثرت ذكره (٢).

قال فتح الموصِلي: المحبُّ لله لا يَغفُلُ عن ذكر الله طرفةَ عين، قال ذو النون: من اشتغل قلبُه ولسانُه بالذِّكر، قذف الله في قلبه نورَ الاشتياق إليه (٣).

قال إبراهيم بن الجنيد: كان يُقال: من علامة المحبِّ للهِ دوامُ الذكر بالقلب واللسان،

وقلَّما وَلعَ المرءُ بذكر الله - عز وجل - إلا أفاد منه حبَّ الله. وكان بعضُ السَّلف يقول في مناجاته: إذا سئم البطالون من بطالتهم، فلنْ يسأم محبوك من مناجاتك وذكرك.

قال أبو جعفر المحَوَّلي: وليُّ الله المحبُّ لله لا يخلو قلبُه من ذكر ربِّه، ولا يسأمُ من خدمته (٤). وقد ذكرنا قولَ عائشة: كان النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - يذكر الله على كلِّ أحيانه (٥)،


(١) انظر التعليق السابق، وسلسلة الأحاديث الضعيفة (٨٩٠).
(٢) أخرجه: المروزي في " تعظيم قدر الصلاة " (٧٤٤) عن الربيع بن أنس عن بعض أصحابه موقوفاً.
وأخرجه: ابن عدي في " الكامل " ٤/ ١٢٨ عن أنس.
وأخرجه: البيهقي في " شعب الإيمان " (٤٠٩) عن أنس بن مالك معلقاً.
وفي (٤١٩) عن أحمد بن أبي الحواري، موقوفاً.
ورواه أيضاً في (٥٠١) عن مالك بن دينار، موقوفاً.
(٣) أخرجه: أبو نعيم في " حلية الأولياء " ٩/ ٣٧٨ - ٣٧٩، والبيهقي في " شعب الإيمان "
(٨٨٥).
(٤) قال العارفون: ومن علامات صحة القلب أن لا يغتر عن ذكر ربه ولا يسأم من خدمته ولا يأنس بغيره. فيض القدير ١/ ٢ - ٧.
(٥) سبق تخريجه وهو عند أحمد ٦/ ٧٠ و ١٥٣، والترمذي (٣٣٨٤).

<<  <   >  >>