للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

عِنْدَ رَبِّهِ} (١)، وكقوله تعالى: {وَمَنْ يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى} (٢).

والمقرون بالتقوى: كقوله تعالى: {إِنَّ اللهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ} (٣)، وقد يذكر مفرداً كقوله تعالى: {لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى

وَزِيَادَةٌ} (٤)، وقد ثبت في " صحيح مسلم " (٥) عنِ النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - تفسيرُ الزِّيادةِ بالنّظرِ إلى وجهِ الله - عز وجل - في الجنة، وهذا مناسبٌ لجعلِه جزاءً (٦) لأهلِ الإحسّانِ؛ لأنَّ الإحسانَ هو أنْ يَعبُدَ المؤمنُ ربّه في الدُّنيا (٧) على وجهِ الحُضورِ والمُراقبةِ، كأنّه يراهُ بقلبِهِ وينظرُ إليه في حال عبادتِهِ (٨)، فكانَ جزاءُ ذلك النَّظرَ إلى (٩) الله عياناً في الآخرة (١٠).

وعكس هذا ما أخبرَ الله تعالى به عَنْ جَزاءِ الكُفَّار في الآخرةِ: {إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ} (١١)، وجعلَ ذلك جزاءً لحالهم في الدُّنيا، وهو تراكُم الرَّانِ على قُلوبِهم، حتّى حُجِبَتْ عن معرفتِهِ ومُراقبته في الدُّنيا، فكان جزاؤُهم على ذلك أنْ حُجِبوا عن رُؤيته في الآخرة (١٢).

فقوله - صلى الله عليه وسلم - في تفسير الإحسّان: «أنْ تعبدَ الله كأنّكَ تراهُ … » إلخ يشير إلى أنَّ العبدَ يعبُدُ الله تعالى على هذه الصِّفة، وهو استحضارُ قُربِهِ، وأنَّه بينَ يديه كأنَّه يراهُ، وذلك يُوجبُ الخشيةَ والخوفَ والهيبةَ والتَّعظيمَ (١٣)، كما جاء في رواية أبي هريرة: «أنْ تخشى الله كأنَّكَ تراهُ».


(١) البقرة: ١١٢، والآية لم ترد في (ص).
(٢) لقمان: ٢٢.
(٣) النحل: ١٢٨.
(٤) يونس: ٢٦.
(٥) الصحيح ١/ ١١٢ (١٨١) (٢٩٧) و (٢٩٨).
(٦) في (ص): «جعله الله - عز وجل -».
(٧) «في الدنيا» سقطت من (ص).
(٨) انظر: شرح النووي لصحيح مسلم ١/ ١٤٦.
(٩) زاد بعدها في (ص): «وجه».
(١٠) انظر: شرح النووي لصحيح مسلم ٢/ ١٥.
(١١) المطففين: ١٥.
(١٢) انظر: تفسير البغوي ٥/ ٢٢٥، وزاد المسير ٩/ ٥٧.
(١٣) انظر: شرح النووي لصحيح مسلم ١/ ١٤٦.

<<  <   >  >>