للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أصبح منكم آمناً في سربه, معافى في جسده وعنده قوت يومه, فكأنما حيزت له الدنيا بحذافيرها" (١).

ونحن في زمن مال فيه كثير من الناس إلى الإسراف والبذخ والتفاخر بالمآكل والمشارب والمراكب والمساكن. هذا الحسن يروي لنا حال من سبقنا ممن همهم الدار الآخرة ووجهتهم العبادة .. قال: أدركت -والذي نفسي بيده- أقواماً ما أمر أحدهم بصنعة طعام قط, فإن قرب إليه شيء أكله وإلا سكت, لا يبالي حاراً كان أو بارداً, وما افترش أحدهم بينه وبين الأرض فراشاً قط, وإنما يتوسد يده فيهجع من الليل, ثم يقوم فيبيت ليلته راكعاً ساجداً, يرغب إلى الله في فك رقبته (٢).

وقال رجل للحسن: ما تقول في رجل آتاه الله مالاً فهو يتصدق منه ويصل منه, أيحسب له أن يتعيش فيه (يعني يتنعم)؟ فقال: لا, لو كانت له الدنيا كلها ما كان له منها إلا الكفاف ويقوِّم ذلك ليوم فقره (٣).

فإن مقصد ذوي الألباب لقاء الله تعالى في دار الثواب, ولا طريق إلى الوصول للقاء الله إلا بالعلم والعمل, ولا تمكن المواظبة عليهما إلا بسلامة البدن, ولا تصفو سلامة البدن إلا بالأطعمة


(١) رواه الترمذي وابن ماجه.
(٢) حلية الأولياء ٦/ ٢٧٠.
(٣) مكاشفة القلوب, ص ١٥٦.

<<  <   >  >>