للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والأقوات والتناول منها بقدر الحاجة على تكرر الأوقات, فمن هذا الوجه قال بعض السلف الصالحين: إن الأكل من الدين, وعليه نبه رب العالمين بقوله وهو أصدق القائلين: {كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا} (١).

فمن يُقْدم على الأكل ليستعين به على العلم والعمل ويتقوى به على التقوى فلا ينبغي أن يترك نفسه مهملاً سدىً يسترسل في الأكل استرسال البهائم في مرعى, فإن ما هو ذريعة إلى يوم الدين ووسيلة إليه ينبغي أن تظهر أنوار الدين عليه. وإنما أنوار الدين آدابه وسننه التي يزم العبد بزمامها ويلجم المتقي بلجامها, حتى يتزن بميزان الشرع شهوة الطعام في إقدامه وإحجامها, فيصير بسببها مدفعة للوزر ومجلبة للأجر وإن كان فيها أو في حظ للنفس, قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إن الرجل ليؤجر حتى في اللقمة يرفعها إلى فيه وإلى في امرأته". وإنما ذلك إذا رفعها بالدين وللدين مراعياً فيه آدابه ووظائفه.

أخي الحبيب:

إذا اجتمع الإسلام والقوت للفتى ... وكان صحيحاً جسمه وهو في أمن

فقد ملك الدنيا جميعاً وحازها ... وحلَّ عليه الشكر لله ذي المن


(١) سورة المؤمنون, الآية: ٥١.

<<  <   >  >>