للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ} (١).

ثم ذكر: "الرجل يطيل السفر أشعث أغبر يمد يديه إلى السماء يا رب! يا رب! ومطعمه حرام, ومشربه حرام, وملبسه حرام, وغُذي بالحرام, فأنى يُستجاب له".

وكل حلال طيب, وكل طيب حلال, فإن الله أحل لنا الطيبات, وحرم علينا الخبائث, لكن جهة طيبة كونه نافعاً لذيذاً.

والله حرم علينا كل ما يضرنا, وأباح لنا كل ما ينفعنا بخلاف أهل الكتاب فإنه بظلم منهم حرم الله عليهم طيبات أحلت لهم, فحرم عليهم طيبات لهم, ومحمد - صلى الله عليه وسلم - لم يحرم علينا شيئاً من الطيبات. والناس تتنوع أحوالهم في الطعام واللباس والجوع والشبع, والشخص الواحد يتنوع حاله, ولكن خير الأعمال ما كان لله أطوع, ولصاحبه أنفع, وقد يكون ذلك أيسر العملين, وقد يكون أشدهما, فليس كل شديد فاضلاً ولا كل يسير مفضولاً, بل الشرع إذا أمرنا بأمر شديد فإنما يأمر به لما فيه من المنفعة, لا لمجرد تعذيب النفس؛ كالجهاد الذي قال الله تعالى فيه: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ} (٢).

والحج هو الجهاد الصغير, ولهذا قال النبي - صلى الله عليه وسلم - لعائشة رضي الله


(١) سورة البقرة, الآية: ١٧٢.
(٢) سورة البقرة, الآية: ٢١٦.

<<  <   >  >>