للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالإرسال، وسماع أبي قلابة من أنس صحيح لكنه قيل: لم يسمع منه هذا، وذكر الدارقطني في العلل الاختلاف فيه على أبي قلابة، ورجح هو والبيهقي والخطيب أن الموصول منه ذكر أبي عبيدة والباقي مرسل, ورجح ابن المواق وغيره رواية الموصول وليس عند واحد منهم "وأقضاهم علي" وذكره ابن عبد البر في الاستيعاب عن محجن أو أبي محجن.

٣١٤- "ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء" ١.

روي يرحمكم مرفوعًا على الاستئناف البياني ويجوز جزمه لوقوعه في جواب الأمر، لكن ذكر في الإسعاف أن الرواية بالرفع، وكذا نقله البيلوني عن العمادي على أن الجملة دعائية فاعرفه، وهذا الحديث رواه البخاري في الأدب المفرد وأحمد وأبو داود والترمذي وآخرون عن عبد الله بن عمرو بن العاص, وقال الترمذي: حسن صحيح وصححه الحاكم لما له من الشواهد، منها ما رواه الشيخان في صحيحيهما عن أسامة بن زيد بلفظ: إنما يرحم الله من عباده الرحماء.

ومنها ما روياه عن أبي هريرة أنه -صلى الله عليه وسلم- قال: من لا يرحم لا يرحم، وفي هذين الفعلين أربعة أوجه: رفعهما وجزمهما ورفع الأول وجزم الثاني وبالعكس، ومنها ما رواه أحمد عن جابر بلفظ: من لا يرحم لا يرحم, ومن لا يغفر لا يغفر له، ورواه الطبراني عن جرير بهذا اللفظ، وزاد: ومن لا يتب لا يتب عليه، ومنها ما روياه عن جرير أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: من لا يرحم الناس لا يرحمه الله، ومنها ما رواه الطبراني بإسناد جيد عن جرير مرفوعًا: من لا يرحم من في الأرض لا يرحمه من في السماء، ومن شواهده أيضًا ما رواه أحمد وعبد بن حميد في مسنديهما والطبراني وغيرهم بسند جيد عن ابن عمر وأيضًا مرفوعًا: ارحموا ترحموا, واغفروا يغفر لكم, ويل لأقماع القول, ويل للمصرين الذين يصرون على ما فعلوا وهم يعلمون, وغير ذلك مما ذكره السخاوي في بعض تصانيفه، وهذا الحديث مسلسل بالأولية إلى سفيان بن عيينة بزيادة: الراحمون يرحمهم الرحمن في أوله كما رواه البخاري في الجنائز، وفي مسالك الأبرار لشيخ مشايخنا الشيخ إبراهيم الكوراني نقلًا عن الزين العراقي أنه قال: والمشهور أن التسلسل في هذا الحديث إلى ابن عيينة دون بقية الإسناد، وقد رويناه في جزء جمعه ابن الصلاح في جملة طرق هذا الحديث، وأوصل التسلسل فيه إلى النبي -صلى الله عليه وسلم-، ولكن لا يصح إسناده انتهى.


١ صحيح، انظر صحيح الجامع "ح٨٩٦" بلفظ الإفراد.

<<  <  ج: ص:  >  >>