للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقيل: هل آدم ومن بعده المذكورون فيما عدا الأرض الأولى من الأنس أو من غيرهم؟ وهل هم متعبدون بمثل من تعبد في الأرض الأولى؟ وهل هم مقارنون لهم في زمنهم؟

قال ابن حجر الهيثمي في فتاويه: إذا تبين ضعف الحديث، أغنى ذلك عن تأويله؛ لأن مثل هذا المقام لا تقبل فيه الأحاديث الضعيفة.

وقال: يمكن أن يؤول الحديث على أن المراد بهم النذر الذين كانوا يبلغون الجن عن أنبياء البشر، ولا يبعد أن يسمى باسم النبي الذي بلغ عنه، انتهى، فتدبر، فإنه لو صح في نبينا لم يستقم في غيره.

وقال ابن كثير بعد عزوه لابن جرير بلفظ: "في كل أرض من الخلق مثل ما في هذه، حتى آدم كآدمكم وإبراهيم كإبراهيمكم": هو محمول إن صح عن ابن عباس، على أنه أخذه من الإسرائيليات، وذلك وأمثاله إذا لم يصح سنده إلى معصوم فهو مردود على قائله، انتهى.

تنبيه: ورد في الحديث أن بين كل أرض وأرض مسيرة خمسمائة عام كما بين كل سماء وسماء، فقد أخرج الحافظ ابن رجب في كتاب التخويف من النار بسنده عن عبد الله بن عمرو قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الأرضين سبع، بين كل أرض إلى التي تليها مسيرة خمسمائة عام، فالعليا منها على ظهر حوت، قد التقى طرفاه في سماء، والحوت على صخرة، والصخرة بيد ملك. والثانية مسجن الريح، فلما أراد أن يهلك عادًا، أمر خازن الريح أن يرسل عليهم ريحًا تهلك عادًا. قال: يا رب، أرسل عليهم من الريح قدر منخر الثور. قال له الجبار تبارك وتعالى: إذًا تكفأ الأرض ومن عليها، ولكن أرسل عليهم بقدر خاتم. فهي التي قال الله تعالى في كتابه: {مَا تَذَرُ مِنْ شَيْءٍ أَتَتْ عَلَيْهِ إِلَّا جَعَلَتْهُ كَالرَّمِيمِ،} ١. والثالثة فيها حجارة جهنم. والرابعة فيها كبريت جهنم.

قالوا: يا رسول الله، للنار كبريت؟

قال: نعم والذي نفسي بيده إن فيها لأودية من كبريت لو أرسلت فيها الجبال الرواسي لانماعت. والخامسة فيها حياة جهنم، وإن أفواهها كالأودية تلسع الكافر اللسعة فلا يبقى منه لحم على وضم. والسادسة فيها عقارب، وإن أدنى عقرب منها


١ الذاريات: "٤٢".

<<  <  ج: ص:  >  >>